اشتهرت الفتاة العشرينية بين أصدقائها ومعارفها بذكائها ومهارتها فى التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى واعتمادها عليها فى الكثير من معاملاتها اليومية مثل الشراء من صفحات التسوق «أونلاين» أو الجروبات المتخصصة فى الاستشارات وتبادل الخبرات فى أمور مختلفة ، وكانت الفتاة تشعر بالسعادة عندما كان أصدقاؤها يلجأون إليها لمساعدتهم فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ومواقع وتطبيقات التواصل الإجتماعى حيث كان يتسلل إليها شعور التميز بين أقرانها مما يدفعها لتقديم نصائحها وخبراتها لمن يحتاج إليها، ولم تدر ان ذلك العالم الافتراضى الذى أجادت التعامل معه سيجلب عليها صدمة عمرها بعدما وقعت فى فخ منصات النصب الإلكتروني.
شبكة نصب محكمة ليس هناك أحد عصيا على الوقوع فى براثن المحتالين ممن روجوا للتعامل مع منصات النصب الإلكترونى طالما تسلل الطمع لقلب المتلقى وأغراه المكسب السريع ، وكانت تلك الفتاة العشرينية من بين من وقعوا فى شباك المحتالين بعدما تلقت، شأنها شأن المئات غيرها، عروضًا مغرية عبر مواقع التواصل الاجتماعى تروج لتطبيقات ومنصات إلكترونية، قدمت لها مبلغا ترحيبيا بمجرد الاشتراك، ثم عرضا بإيداع 1200 جنيه تعود إليها فى نفس اليوم 3000 جنيه مما دفعها لأخذ قرار بالاشتراك فى تلك المنصة الإلكترونية على سبيل التجربة. وبالفعل قامت بأداء المهمات التى طلبت منها وحولت أرباحها على محفظتها الإلكترونية لتقوم بسحبها وعندما اطمأنت لتلك العملية قامت بإيداع أموال أكثر، حتى تحولت لواحدة من المروجين لتلك المنصة بين أقاربها ومعارفها، وبدلا من أن تكون بمفردها أصبحت سببا فى اشتراك احدى عشر شخصا اخرين ليستمر الحال. الأرباح تتزايد مع كل مهمة يتم إنجازها، ولم يعد هناك سحب للأموال بل قامت بايداع المزيد لتحقيق أرباح أكبر، حتى استيقظت فى يوم على خبر سقوط عصابة منصة «Fbc».
كانت «Fbc» منصة اخرى ليست التى تتعامل معها ، ولكن الفكرة واحدة . تسلل الشك لقلبها فهرعت لحسابها على المنصة المشتركة بها لتجده مفعلا وليس هناك ما يدعو للقلق لتتنفس الصعداء، ولكن بعدما أصبحت مواقع التواصل الإجتماعى تتحدث عن عصابة fbc قررت أن تكتفى بهذا القدر من استثمار أموالها فى المنصة التى تتعامل معها. وقامت بفتح التطبيق ومحاولة سحب ارباحها ولكن كانت المفاجأة أنها لا تستطيع استرداد أموالها ولابد من ان تدفع رسوما أولا، لتفاجأ بتلقيها اتصالات ممن كانت سببا فى دخولهم تلك المنصة يخبرونها بتعرضهم لنفس الأمر وعدم استطاعتهم استرداد أموالهم. وانتشر الأمر بين رواد تلك المنصة ومنصات أخري. جاءت إليهم رسائل مختلفة من بينها رسالة بضرورة شحن مبالغ مالية محددة لتعود حساباتهم للعمل.
واستمر الحال على ذلك حتى اغلقت المنصة الإلكترونية تماما ومعها منصات أخرى وهى «GME – RGA – BTS» ، وتحولت احلام الفتاة بالربح السريع الى كابوس حل بالخسارة عليها و كبدها مع غيرها من ضحايا المنصات ثلاثة ملايين من الجنيهات. الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية تواصل بصفة مستمرة جهودها لمكافحة هذا النوع من الجرائم ، وتتعامل مع كل البلاغات المقدمة من المواطنين ضد هذه المنصات وبالفعل بعدما نجحت فى ضبط جمسع المتهمين فى عصابة منصة fbc الإلكترونية.
رصدت وجود عدد اخر من المنصات التى تتعامل بنفس الأسلوب والطريقة ، وتلقت بلاغات من عدد من المواطنين ضد القائمين على تلك منصات «GME – RGA – BTS» لإستيلائهم على أموالهم بلغ إجماليها قرابة 12 مليون جنيه ، وذلك بعدما أغلقت تلك المنصات ، وامتنع من كانوا يتعاملون مع الضحايا فى عمليات السحب والتحويل والترويج لتلك المنصات عبر مواقع التواصل الإجتماعى والذين أطلقوا على انفسهم لقب الوكلاء ومديرى المجموعات . وبالفعل نجحت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من تحديد 39 شخصا تورطوا فى إدارة تلك المنصات وتم ضبطهم جميعا وبحوزتهم كميات كبيرة من شرائح الهواتف المحمولة مفعل على بعض منها محافظ إلكترونية، وعدد من السيارات ، ومشغولات ذهبية، وعدد من الهواتف والحواسب المحمولة، وبلغ إجمالى قيمة المضبوطات المالية والعينية ما يعادل 75 مليون جنيه .
وكانت المفاجأة التى كشفت عنها تحريات الأجهزة الأمنية ان الأموال التى استولى عليها القائمون على تلك المنصات الإلكترونية كان مصيرها التحويل لعملات رقمية عبر أحد التطبيقات الإلكترونية ثم تحويلها للخارج لحساب تشكيل عصابى فى الخارج يقوم بإنشاء تلك المنصات وتشغيلها بعدة دول من ضمنها مصر.
ومع ما تبذله وزارة الداخلية من جهد فى مكافحة تلك الجرائم فإنها وجهت تحذيرا للمواطنين من التعامل مع مثل تلك التطبيقات مجهولة المصدر التى يتم بثها عبر شبكة الإنترنت بزعم تحقيقها أرباحاً مالية سريعة لعدم تعرضهم للنصب والإحتيال وفقدان أموالهم .
ولابد لرواد مواقع التواصل الإجتماعى ان يعوا جيدا خطورة تلك الإعلانات المضللة التى تستهدف الاستيلاء على أموال الضحايا خاصة أن المكاسب والأرباح التى يروجون لها لا تحمل أى منطق يبرر تحقيقها بهذه الضخامة ، ولا تنطلى هذه الحيلة الا على الغارق فى اوهام الثراء السريع، لذا فالحذر مطلوب عند التعرض لمثل تلك الإعلانات المضللة أيا كان مصدرها فالوقاية خير من العلاج.
تعليقات
إرسال تعليق