
يوم الشهيد هو مناسبة وطنية تحتفي فيها الدول بتكريم شهدائها الذين بذلوا أرواحهم دفاعًا عن الوطن ومبادئه السامية.
يختلف تاريخ إحياء هذا اليوم من دولة إلى أخرى، وفقًا للأحداث التاريخية التي شهدت تضحيات جليلة.
وفي مصرالحبيبة، يُصادف يوم الشهيد التاسع من مارس، تخليدًا لذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، المعروف بـ«الجنرال الذهبي»، الذي استُشهد أثناء حرب الاستنزاف ضد إسرائيل.
يمثل هذا اليوم رمزًا عميقًا للتقدير والامتنان لمن وهبوا حياتهم فداءً للوطن، ويُجسد معاني التضحية والفداء التي تبقى محفورة في ذاكرة الأمة.
الفريق عبد المنعم رياض، «الجنرال الذهبي»، رمز البطولة والتضحية، وأحد أعظم القادة العسكريين في تاريخ مصر. قائد فذ حمل روحه على كفّه من أجل وطنه، فكان دائمًا في الصفوف الأمامية، يقود جنوده بروح المقاتل وليس من خلف المكاتب.
وُلد ليكون أسطورة في ساحة المعركة، وكتب اسمه بأحرف من نور في سجل الأبطال، حتى لحظة استشهاده في 9 مارس 1969م، وهو وسط جنوده على جبهة القتال، ليصبح رمزًا خالدًا للفداء والتضحية.
يعتبر الفريق أول عبد المنعم رياض واحدا من أشهر العسكريين العرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين. شارك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الألمانية والإيطالية بين عامي 1941 و 1942م، وفي حرب فلسطين عام 1948م، وحرب 1956م، وكان قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان أثناء حرب 1967م، كما كان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس جمال عبد الناصر في إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وحرب الاستنزاف.

«الجنرال الذهبي».. الميلاد
ولد عبد المنعم محمد رياض عام 1919م في قرية «سبرباي» إحدى ضواحي مدينة طنطا في مصر.
«الجنرال الذهبي».. النشأة
نشأ في أسرة اشتهر عنها النظام والانضباط حيث كان والده القائمقام «عقيد» محمد رياض عبد الله قائد «بلوكات» الطلبة بالكلية الحربية والذي تخرجت على يديه أعداد كبيرة ممن تولوا مناصب قيادية داخل المؤسسة العسكرية المصرية.

«الجنرال الذهبي».. وتعليمه
بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الطب تمشيا مع رغبة أسرته، لكنه بعد عامين من الدراسة آثر الالتحاق بالكلية الحربية التي كان يجد في نفسه ميلا شديداً إليها، وتخرج فيها عام 1938م برتبة ملازم ثان.
وفي عام 1944م نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول في التخرج، وفيما بين عامي 1945 – 1946م، أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في بريطانيا بتقدير امتياز. وانتسب لكلية التجارة وهو برتبة فريق لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد.
وقد أجاد عبد المنعم رياض عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.

«الجنرال الذهبي».. وتوجهاته الفكرية
كان الفريق أول عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل، ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصراً عليها إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان وليس مجرد استراتيجية عسكرية.
وكان يؤمن بأنه «إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه».
كما كانت للفريق أول عبد المنعم رياض وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون فكان يقول «لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائداً هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار».

«الجنرال الذهبي».. وحياته العسكرية
عُين عبد المنعم رياض بعد تخرجه في سلاح المدفعية، والتحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942م حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية.
وخلال عامي 1947 – 1948م عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.
تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في عام 1951م وكان وقتها برتبة مقدم، ثم عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953م، وفي العام التالي اختير لتولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية، وظل في هذا المنصب إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفياتي عام 1958 لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية، وأتمها في عام 1959م بتقدير امتياز وحصل على لقب «الجنرال الذهبي».
بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960م ثم نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961م، وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.

اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامي 1962 – 1963م، وفي عام 1964م عُين رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة.
ورًقي في عام 1966م إلى رتبة فريق، وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.
بعد عقد معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو 1967م وضعت قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة كان الفريق عبد المنعم رياض قائداً لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يناير عام1967م، مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة.
وحينما اندلعت حرب 1967م عُين الفريق عبد المنعم رياض قائدًا عامًا للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو 1967م اختير رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها.
وفي عام 1968م عُين أمينًا عامًا مساعدًا لجامعة الدول العربية، وكان آخر ما أُسند إليه من مهام إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية المتمركزة في الضفة الشرقية لقناة السويس خلال ما عرف بحرب الاستنزاف.
حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة "رأس العش" التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968م.

«الجنرال الذهبي».. تحذيرات ما قبل النكسة
بعد توليه رئاسة الأركان العربية الموحدة، أعدّ رياض تقريرا عن الموقف قبل هزيمة 1967م بأيام قليلة، حذر فيه من أن إسرائيل تحتفظ بجيش بري قليل العدد نسبيا، يعمل في حماية المظلة الجوية الممتازة، وأنها تعمل على أن تحتفظ لنفسها بالمبادرة في حرب انقضاض جوي مفاجئ "حرب أيام معدودة" ترجو أن تحطم خلالها قوات الطرف الآخر.
وأكد في تقريره أن الأمر غير مثبط للهمم، فالدول العربية أقدر على حشد قوات أضعاف القوات الإسرائيلية، وعليها أن تزيد كفاءتها القتالية وتؤمن لها غطاء جويا كافيا، وأن أهم ما يجب أن تواجه به إسرائيل هو عمل يشلّ نظامها الدفاعي الجوي.
كان يرى أن قدرة إسرائيل على الدخول في حرب طويلة أقل من قدرة دول المواجهة العربية، وأن في مجتمعها تناقضات تمتد إلى جميع القطاعات بما في ذلك القوات المسلحة، وأن المعركة ليست بين العرب وإسرائيل، وإنما يجب دراسة من هم وراء إسرائيل.

«الجنرال الذهبي».. بين النكسة والاستنزاف
مع اندلاع حرب 5 يونيو 1967م بين العرب وإسرائيل، صدقت تحذيراته من الأطماع الإسرائيلية التوسعية في الأراضي العربية، كما ثبتت صحة توقعاته حول خلل ميزان سلاح الجو لصالح إسرائيل، حيث كانت المعركة الجوية هي الحاسمة في هزيمة 1967م.
بعد الهزيمة العسكرية القاسية وما تبعها من إعادة هيكلة واسعة للجيش المصري، قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يوم 11 يونيو 1967م تعيين رياض رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية.
كانت المهمة الأولى والأصعب أمام رياض هي إعادة بناء القوات المسلحة التي تلقت ضربة قاسية، ولم يكن البناء فقط للمعدات والمعسكرات، بل كان الأخطر هو البناء النفسي وإعادة الثقة إلى نفوس الجنود والضباط، ليتبعها إعادة ثقة الشعب المصري في جيشه؛ لذلك قرر رياض مع وزير الحربية محمد فوزي بدء المعارك على الفور وعدم الانتظار لاكتمال البناء، حيث أطلق «حرب الاستنزاف» التي كانت تهدف إلى استنزاف تدريجي لقدرات الجيش الإسرائيلي وعدم إعطائه فرصة للتخطيط والتمركز بحرية في سيناء، والأهم هو إعادة الثقة للمصريين في قدرتهم على تجاوز الهزيمة وعدم الاستسلام لليأس الذي سيطر على الجميع وقتها.
حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، إضافة لتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات يوم 21 أكتوبر1967م، وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968م، فضلا عن عشرات العمليات للقوات الخاصة في قلب سيناء.

استشهاد «الجنرال الذهبي»
كان عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل، وأنه لا مجال لاستعادة الأرض أو فرض السلام إلا بالانتصار العسكري، لذلك أشرف على خطة تدمير خط بارليف الإسرائيلي، العقبة الرئيسية أمام عبور القوات المصرية قناة السويس، حيث استنتج صعوبة مُجاراة إسرائيل في سلاحها الجوي.
وحدد عبد المنعم رياض يوم السبت 8 مارس 1969م موعدًا لبدء تنفيذ خطة تدمير خط بارليف، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لمدة أربع ساعات متواصلة، لتكبّد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة، في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل انتصار أكتوبر1973م.
لم يكن عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب فقط، بل كان يؤمن أن النصر متحقق إذا «وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه»، بحسب ما كان يردده دائما.
في صبيحة اليوم التالي لبدء المعارك الأحد 9 مارس 1969م قرر عبد المنعم رياض أن يتوجّه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة، وأن يزور أكثر المواقع قُربًَا من خط المواجهة، حيث لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترًا، وفجأة انهالت القذائف الإسرائيلية على الموقع وانفجرت إحدى طلقات المدفعية قرب رياض الذي استشهد بعد دقائق عن عمر يناهز الخمسين عاما.

«الجنرال الذهبي».. وأقواله المأثورة
• كان عبد المنعم رياض يؤمن بالأهمية القصوى للطيران وكان يقول للذين يحدثهم «إذا أرادت إسرائيل أن تضرب فبالطيران قبل غيره وإذا أردنا ضربها فبالطيران، وحرب الطيران هي حرب السرعة الخاطفة، حرب الأيام المعدودة على أصابع اليد الواحدة وبعدها النصر أو الهزيمة».
• القادة العسكريون لا يولدون هكذا ولكنهم يصنعون .. يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة.
• كن بين جنودك فى أحلك الظروف ولا يرون منك علامات القلق والارتباك.
• كن دائما بين جنودك فى السلم ومعهم فى الصفوف الأمامية فى الحرب.
• حافظ دائما على مسافة كبيرة بينك وبين كل مرؤوسيك فى تحصيلك ووعيك بالعلم العسكرى.
• كن قدوة صادقة لجنودك.
• احمل معك ميزانا حساسا للثواب والعقاب.
• اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم.
• لا تسرع في قراراتك وحينما تقرر لا تتراجع أو تتردد.
• لا تتكبر ولا ترفع الكلفة.
• لا تكن تقليديا أو نمطيا واسعى للإبداع والابتكار.
• دوّن خواطرك وتأملاتك فى لحظتها.
• لا تنس أبدا أن معظم أهل النار من مستصغر الشرر.

قالوا عن «الجنرال الذهبي»
الفريق محمد فوزي، وزير الحربية:"عبد المنعم رياض رجل ليس له مثيل، لم يكن في الاستطاعة أن يكون لي رفيق فيما كُلِّفت به غيره، وكان يقصد التكليف الذي صدر له من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بإعادة بناء القوات المسلحة بعد نكسة عام 1967م".
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: في يوم استشهاده، نعاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث قال: «إنني أنعى للأمة العربية رجلًا كانت له همة الأبطال، تمثلت فيه كل خصال شعبه وقدراته وأصالته".
منحه الرئيس جمال عبد الناصر رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية، التي تُعَدّ أكبر وسام عسكري في مصر، كما اعتُبر يوم 9 مارس من كل عام «يوم الشهيد» تخليدًا لذكراه، حيث نحتفل فيه بذكرى الأبطال الذين ضحّوا بأرواحهم ودمائهم الغالية من أجل حرية وكرامة وشرف الوطن.

الشاعر الراحل نزار قباني
نعاه وهذا لا يعبر عن الرثاء فقط، بل ليرسم سيرة رجل وقائد عسكري صدّقت أفعاله أقواله، فهو الذي كان يردد «إذا حاربنا حرب القادة في المكاتب في القاهرة، فالهزيمة مُحققة، إن مكان القادة الصحيح وسط جنودهم، وأقرب إلى المقدمة من المؤخرة».
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..
لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ
لو مدمنو الكلامِ في بلادنا
قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ
لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ
قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..
واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ
يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ
الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا..
أنتَ بها بدأتْ..
يا أيّها الغارقُ في دمائهِ
جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ
جميعهم قد هُزموا..
ووحدكَ انتصرتْ

قالت سميحة رياض، شقيقة الجنرال الذهبي:"كان إنسانًا بكل ما تعنيه الكلمة... مرحًا، كريم الأخلاق، عطوفًا، حنونًا. ومن الغريب أنه بعد وفاته، حزن عليه البسطاء حزنًا شديدًا؛ بائع الصحف، جامع الكُرات، السفرجية في النادي، والمكوجي. وبعد وفاته بسنوات، إذا دخل أي عامل لإصلاح أجهزة أو أي شيء تالف في المنزل، وكان يرى صورة الشهيد، كان يسألني: هل يقرب لكِ؟ فأقول: أخي. فكان يقرأ الفاتحة على روحه، وتكفيني هذه المشاعر".
وعن الجنرال الذهبى وحياته العائلية، تقول سميحة رياض:"انشغل الفريق عبد المنعم رياض بالأسرة والعمل عن التفكير في الزواج، لكنه كان يهتم بأبناء أشقائه، وسعادته كانت في وجوده بينهم رغم مشاغله الكبرى. كان يرسل لهم الهدايا في كل مناسبة، ويحضر مع أبناء شقيقي الدكتور محمود رياض، الذي كان يعمل في الكويت وقتها، يوم الآباء في المدرسة. وكان حريصًا على أن يكون قريبًا من أبناء الأسرة في فترة الإجازة مهما تكن ظروفه وارتباطاته. وكذلك كان يفعل مع ابني حسين، الذي أخذ عن خاله طباعه الهادئة وأخلاقه ونصائحه، وكان قريبًا منه للغاية منذ طفولته".
وعن الجنرال الذهبى و«مواقفه التي لا تُنسى»، تقول سميحة رياض:"اعتدنا زيارة قبر الشهيد كل يوم خميس من كل أسبوع، وفي إحدى الزيارات لاحظت شقيقتي أكوامًا من القمامة أمام المدفن، فبلغت رئاسة الحي. فجاء المهندس المشرف على عملية النظافة، وأعرب عن أسفه الشديد، ثم تذكر موقفًا له مع الشهيد عندما كان مجندًا. حيث ارتعد من البرد في إحدى الليالي القارسة البرودة أثناء خدمته، فسأله الشهيد عبد المنعم رياض عن معطفه: لماذا لا يرتديه؟ فأجاب الجندي: لم يُصرف لنا معاطف يا فندم. فخلع رياض معطفه وأعطاه للجندي، وأوصاه بضرورة إعادته إليه في الصباح".

«الجنرال الذهبى» وتجنيد حملة المؤهلات العليا
جدير بالذكر والتقدير أن عبد المنعم رياض كان صاحب فكرة التوسع في تجنيد حملة المؤهلات العليا؛ إيمانًا منه بالمستوى الذي لا بد أن يكون عليه الجنود الذين سيحاربون بأحدث ما وصل إليه العلم من تكنولوجيا ومن ثم فلابد أن تكون لهم القدرة على استيعابها وقد أثبتت الأيام وحرب أكتوبر عام 1973م بعد نظر شهيدنا العظيم صاحب الأفكار الثاقبة.

«الجنرال الذهبى» وطابع بريد تخليداً ذكراه
في عام 1972م صدر طابع تذكاري يحمل اسم عبدالمنعم رياض، وكان قيمته 20 مليم، وصممته مطابع البريد ووصلت الكميات المطبوعة إلى مليون و500 ألف طابع.
وعلى الطابع مكتوب "جمهورية مصر العربية م ـ ذكرى الشهيد عبد المنعم رياض 1919-1969 ـ20م ـ بريد ـ Postage ـ A.R. Egypt 1972 ـm20" والطابع باللون المتعدد.

تمثال الشهيد «عبد المنعم رياض» في ميدان التحرير
فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، تمت إزاحة الستار عن تمثال له بالميدان الذى يحمل اسمه الآن بالقرب من ميدان التحرير بالقاهرة، فى 15 يوليو 2002، تكريما له وتقديرا من محافظة القاهرة للشخصية العسكرية الكبيرة، وذلك بمناسبة العيد القومى لمحافظة القاهرة وقتها.
وقد أزاح الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء برفقة الفريق حمدي وهيبة رئيس الأركان نائبا عن المشير حسين طنطاوي القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي الستار عن تمثال الشهيد عبد المنعم رياض رئيس الأركان الأسبق بالقرب من ميدان التحرير تقديراً لبطولته وتضحيته من أجل القوات المسلحة وسمعتها وتخليدا لذكراه العطرة.
ويبلغ حجم التمثال الذى قام بتصميمه الدكتور فاروق إبراهيم عميد كلية الفنون الجميلة ونقيب الفنانين التشكيليين الأسبق، ضعف الحجم الطبيعى تقريبا بارتفاع قدره 3.40 أمتار ويزن نحو طن من البرونز، وتم تنفيذه على عدة مراحل مختلفة، وبأيدى مصرية 100%.
وبالنسبة لقاعدة التمثال وتطوير الميدان الذى يحمل اسم الشهيد عبد المنعم رياض فقد قام بتنفيذهما كبرى الشركات الوطنية المتخصصة فى مصر وانتهت من العمل فى نحو شهر ونصف الشهر فقط، وتتكون القاعدة من ثلاثة أضلاع من الجرانيت بنسبة تحاكى الفراغ المعمارى حول التمثال بخطوط ومنحنيات معمارية ذات طابع مصرى ويبلغ ارتفاعها 6.4 أمتار تسمح بمشاهدة التمثال شامخا من جميع الجهات.
وفي النهاية، رحل «الجنرال الذهبى» الفريق عبد المنعم رياض بجسده، لكنه بقي حيًّا في وجدان مصر، يُلهم الأجيال معنى الشجاعة والعزة. «تحية إجلال وإكبار لروحه الطاهرة».

طابع بريد تذكاري للفريق أول عبد المنعم رياض
تعليقات
إرسال تعليق