يمثل الشيخ محمد صديق المنشاوي أحد عباقرة الجيل الثاني من القراء المرموقين، فهو كروان دولة التلاوة والصوت الباكى، ومقرئ الجمهورية العربية المتحدة.
وُلد الشيخ محمد صديق المنشاوي في 20 يناير 1920م بقرية المنشاة التابعة لمحافظة سوهاج، نشأ فى أسرة قرآنية من أعلام التلاوة، أصحاب مدرسة منفردة بذاتها فى التلاوة (المدرسة المنشاوية)، فوالده الشيخ صديق المنشاوي وجده تايب المنشاوى وشقيقه محمود، ويعد أفضل من أنجبته العائلة المنشاوية وأكثرهم تأثيراً.
إجازة في القراءات
ذهب إلى القاهرة في عمر السابعة من العمر مع عمه القارئ الشيخ أحمد المنشاوي، وحفظ ربع القرآن الكريم هناك، ثم عاد مرة أخري إلى بلده المنشأة.
أتم هناك حفظ القرآن الكريم فى الثامنة من عمره في الكتاب على يد الشيخ محمد النمكي بعد أن بدأه على يد والده الذي تعلم منه فن القراءات، ودرس أحكام التلاوة على يد الشيخ محمد أبوالعلا، وتعلم القراءات في عمر الثانية عشرة ونال إجازة في القراءات العشر على يد الشيخ محمد سعودي.
من سوهاج إلى القاهرة
رافق أباه وعمه في إحياء سهرات تلاوة القرآن، وسنحت له الفرصة للقراءة منفردا وعمره 11 عاما في قرية أبار الملك بسوهاج، ونال صوته استحسان الجماهير، وتقاضي حينها أجر 10 قروش، اشتهر وذاع صيت الشيخ المنشاوي لعذوبة صوته وما يتميز به من مسحة الحزن وإتقان مقامات القراءة .
رفض دخول الإذاعة فجاءت إليه
رفض الذهاب إلى اختبارات الإذاعة حتى بعد أن أرسل إليه المسئولون طلباً ليتقدم إليها ويتم اعتماده وبرر ذلك قائلاً: (لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً)، فقرر مدير الإذاعة أن تنتقل الإذاعة حيث يقرأ الشيخ المنشاوي الذي فوجئ بها أثناء إحياء ليلة رمضانية في قرية إسنا، وسجل مندوبها تلاوته، وفي نفس الوقت تم إرسال مندوب آخر؛ حيث يتلو والده بمحافظة سوهاج، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الإذاعة التي تنتقل بمعداتها وعامليها ومهندسيها للتسجيل، وبالرغم من كل هذا أصر الشيخ محمد صديق المنشاوي على رفضه لولا تدخل اللواء عبدالفتاح الباشا وإلحاحه وافق الشيخ.
مقرئ الجمهورية
واعتمد قارئا بالإذاعة المصرية في 1953م، وكان أول قارئ يتم الاجتماع على اعتماده قبل الاختبارات، وعُين قارئاً بمسجد الزمالك، وسجل القرآن كاملاً فى ختمة مرتلة برواية حفص عن عاصم، بالإضافة إلى ما يزيد على 150 تسجيلاً، واعتادت إذاعة القرآن الكريم أن تبدأ بتلاوة الشيخ المنشاوي فى أول أيام شهر رمضان وقت أذان المغرب، هذا إلى جانب تسجيلات فى المسجد الأقصى وسوريا والسعودية، وأصبح فخرًا للعالم الإسلامى والعربى حتى لقب (مقرئ الجمهورية العربية المتحدة).
تكريمات المنشاوي
كرمته عدة دول من الدول الإسلامية منها إندونسيا؛ حيث قلده الرئيس أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في منتصف الخمسينات، ووسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا في منتصف الستينيات، كما منح وسامًا فى احتفال ليلة القدر عام 1992م، وبنُي مسجد باسمه في منطقة عين شمس.
حياته الشخصية ووفاته
تزوج مرتين الأولى ابنة عمه وأنجب منها أربعة أولاد وبنتين ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وحرص على حفظهم للقرآن، وفى عام 1966م، أصيب بمرض دوالي المريء وعالجه الأطباء بالمسكنات ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة الحنجرة، إلا أنه رغم مرضه ظل يقرأ القرآن بصوت مرتفع مما دفع محبيه إلى الجلوس في المسجد أسفل منزله للاستماع له دون علمه، واشتد مرضه ونُقل إلى مستشفى المعادي، وأمر الرئيس جمال عبدالناصر بسفره إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة إلا أنه توفي في 20 يونيو 1969م قبل سفره.
تعليقات
إرسال تعليق