"وفاة شاب داخل قسم شرطة جرجا بعد تعرضه لانتهاكات جسيمة وظروف احتجاز غير إنسانية"
أربعة أيام فقط كانت كفيلة بإنهاء حياة شاب محتجز، حيث رصدت ووثقت الشبكة المصرية وفاة الشاب مصطفى محمود كريم أمين، (صورة ) البالغ من العمر 28 سنة، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة داخل حجز قسم شرطة جرجا بمحافظة سوهاج في حدود الساعة الثانية ظهر يوم الثامن عشر من اغسطس 2024. جاء ذلك بعد أربعة أيام فقط من احتجازه، نتيجة لظروف الاحتجاز القاسية وغير الإنسانية، وتعرضه لانتهاكات خطيرة منذ اللحظات الأولى للقبض عليه بواسطة النقيب أحمد عبد القادر العش، (صورة )معاون مباحث قسم شرطة جرجا، وقوة أمنية مصاحبة له.
في منتصف ليلة الرابع عشر من أغسطس الماضي، قامت القوة الأمنية بالقبض على مصطفى من أمام منزله الكائن بمركز جرجا، شيخ العرب، بجوار قهوة أبو الدهب، بناءً على بلاغ بحدوث مشاجرة بين مصطفى وبعض أقاربه. عند القبض عليه، قدم أشقاؤه وجيرانه إيضاحات للنقيب أحمد العش، قائد القوة الأمنية، تفيد بأن مصطفى مريض قلب وفي انتظار إجراء عملية خطيرة بالقلب خلال أسابيع. وقد تم بالفعل اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك في مستشفى الدكتور مجدي يعقوب بأسوان وتحديد موعد خلال أسبوع. ورغم توسلات أسرته وأشقائه لتركه أو السماح له بأخذ العلاج والدواء معه، قام النقيب أحمد العش برمي الأدوية والعلاج على الأرض، وسبّ وشتم الحاضرين. وعندما حاول جارهم الطبيب، الذي يعمل في إحدى الصيدليات المواجهة لمنزل مصطفى، توضيح الحالة المرضية للنقيب العش، قام الأخير بإهانته أمام الجميع.
اصطحب معاون المباحث مصطفى إلى حجز قسم شرطة جرجا، حيث تعرض للإهانات اللفظية وتدهورت حالته الصحية بشكل سريع. وفي صباح اليوم التالي، الخامس عشر من أغسطس، تم عرضه على نيابة جرجا، ومقرها محكمة جرجا، التي أمرت بحبسه وإعادته إلى حجز قسم شرطة جرجا، بالرغم من طلب محامي مصطفى بإخلاء سبيله بضمان محل إقامته أو بضمان مالي، بعد توضيح الحالة الصحية الخطيرة لمصطفى والموثقة بالتقارير الطبية والأشعة التي تثبت إصابته بالقلب واحتياجه إلى الرعاية الطبية والصحية غير المتوفرة بحجز قسم شرطة جرجا. ومع ذلك، تم رفض الطلب، وأمرت النيابة باستمرار حبسه وعودته إلى قسم شرطة جرجا وإيداعه الحجز.
حاولت أسرة مصطفى توصيل مستلزمات علاجه وأدويته وبعض الأغراض الخاصة، لكن معاون المباحث أحمد العش رفض طلبهم بحجة "إذا تعب سنقوم بعلاجه". وبسبب التكدس الشديد في غرفة الحجز وزيادة أعداد المحتجزين عن الطاقة الاستيعابية، وقيام غالبية المحتجزين بالتدخين وتعاطي المخدرات، ووجود روائح كريهة في الغرفة نتيجة عدم تعرضهم للهواء النقي وأشعة الشمس مع ارتفاع درجات الحرارة، أصيب مصطفى بأزمة قلبية حادة. تم استدعاء طبيب أوصى بضرورة علاجه في مستشفى متخصص للقلب، لكن معاون المباحث رفض الطلب وتم نقله إلى مستشفى جرجا العام الحكومي، حيث قدمت له بعض الإسعافات الأولية ثم أعيد مرة أخرى إلى محبسه، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل خطير. ورغم الاستغاثات والمناشدات من قبل أسرته والمحتجزين معه في غرفة الحجز، لم يتم الاستجابة لهم،
بحسب شهود العيان فقد لفظ انفاسه الاخيرة فى حدود الساعة 2 من بعد ظهر يوم الاحد الموافق 18 اغسطس ،
ليتم أخذ الجثمان بعد التاكد من وفاته فى ثلاجة الموتى بمدينة المنشاه وبعد ذلك تم نقله من التلاجه الى المشرحه فى يوم ١٩ اغسطس حتى قامت الاسرة باستلام الجثمان ودفنه فى مقابر الاسرة بجرجا
جدير بالذكر لم تقم وزارة الداخلية بابلاغ الاسرة بوفاة نجلهم بل تم معرفة ذلك من مصدر اخر فى صباح يوم الاثنين التاسع عشر من اغسطس.
قدمت أسرة مصطفى بلاغًا إلى نيابة جرجا تتهم فيه النقيب أحمد العش بممارسة القسوة واستخدام القوة، إضافة إلى منعه العلاج والدواء الضروريين لحالته القلبية الحرجة، مع تجاهله المتعمد للطلبات المتكررة من أسرة مصطفى والطبيب المعالج، الذي أوصى بضرورة نقله إلى مستشفى متخصص للقلب. وقد باشرت النيابة التحقيقات الأولية، ولا تزال التحقيقات جارية حتى الآن.
وفي هذا السياق، تطالب الشبكة المصرية بوقف النقيب أحمد العش عن العمل بشكل فوري لحين الانتهاء من التحقيقات، وتقديمه للمحاكمة لينال العقاب المستحق على ما اقترفه من انتهاكات بحق مريض كان في أمسّ الحاجة إلى العلاج والدواء.
ويُذكر أن مصطفى محمود كريم، رب أسرة وأب لطفلين (ولد وبنت)، ويعمل كفني في مجال تيل فرامل السيارات، وكان مشهودًا له بحسن الخلق. وقد أشار أحد شهود العيان إلى أن مصطفى كان "غلبان وملوش في المشاكل خالص، ومختصر وفي حاله"، مشددًا على أن مصطفى تعرض لجريمة قتل من خلال تعذيبه بمنع العلاج والدواء عنه رغم مرضه الشديد وتدهور حالته الصحية، مما أدى إلى وفاته داخل حجز قسم شرطة جرجا.
تحمل الشبكة المصرية وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عن وفاة مصطفى محمود كريم نتيجة المعاملة غير الإنسانية التي تعرض لها على يد معاون المباحث النقيب أحمد العش. وتؤكد الشبكة أن ما قام به النقيب هو نموذج ممنهج للانتهاكات التي تحدث في أماكن الاحتجاز، والتي أودت بحياة العديد من الضحايا، في ظل غياب الرقابة والمساءلة من قبل النيابة العامة. حيث يتم التغاضي عن تجاوزات وممارسات ضباط وزارة الداخلية التي تنتهك الدستور والقوانين والأعراف، مما يجعلهم يتصرفون كجلادين على المحتجزين بشكل يخالف القانون.
وتؤكد الشبكة المصرية أن وفاة مصطفى محمود ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل الظروف الحالية وسياسة الإفلات من العقاب التي تسود في مصر، حيث لا يتم محاسبة الضباط المتورطين في هذه الانتهاكات. وعند التحقيق معهم، لا توجه لهم أي اتهامات جادة، وإن حدث، غالبًا ما تتم تبرئتهم وإخلاء سبيلهم، رغم جسامة جرائمهم وانتهاكاتهم الصارخة لحقوق الإنسان.
تعليقات
إرسال تعليق