وأظهر تتبع صحيح مصر لنشاط تلك الحملات، إن لجانًا إلكترونية مؤيدة للحكومة المصرية تقف خلفها وتدعمها، وتعمل على تصاعدها، ووثقنا ذلك استنادًا على تحليل واسع للهاشتاجات الداعية لترحيل اللاجئين السودانيين والسوريين، وتحليل آلاف التغريدات، وتحديد أبرز الحسابات المسؤولة عن انتشار الهاشتاجات.
هذه ليست المرة الأولى، التي تطفو على السطح حملات ممنهجة ضد اللاجئين في مصر، ولكن الحملة الأخيرة تحمل مؤشرات ملفتة، من ناحية انتشارها، وتزامن انطلاق حملتين منسقتين ضد السوريين والسودانيين، وما تبع ذلك من اتخاذ السلطة لإجراءات ضد اللاجئين بينها ترحيل الآلاف منهم.
وبحسب منظمة العفو الدولية، نفذت السلطات المصرية اعتقالات جماعية لآلاف اللاجئين السودانيين، وقالت المنظمة إن "مصر رحَلتهم بشكل غير قانوني"، وذكرت أنها وثقت 12 واقعة رحَلت فيها السلطات المصرية ما يقدر بنحو 800 سوداني بين يناير 2023، ومارس 2024، بدون منحهم فرصة لطلب اللجوء أو الطعن في قرارات الترحيل.
وتجاوز عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة نحو 402 ألف لاجئ، في نهاية يونيو الماضي 2024، وتوقعت المفوضية وصول المزيد في الأشهر المقبلة، فيما بلغ عدد السوريين المسجلين حتى نهاية 2023 نحو أكثر من 153 ألف شخص. ولا يمكن الاعتداد بأرقام المفوضية، في ظل عدم تقدم كافة اللاجئين الموجودين في مصر إلى التسجيل في المفوضية.
وعادة ما يخلط المسؤولون الحكوميون في مصر، بين عدد اللاجئين وعدد المهاجرين بوجه عام والذي بلغ عددهم قبل نهاية العام الماضي نحو أكثر من 9 ملايين مهاجر، ويتضمن مصطلح "مهاجر" أي أجنبي ترك بلاده وتوجه إلى مصر للعيش فيها، سواء كان ذلك قسرًا أو باختياره الحر، فيما يقتصر تعريف "اللاجئ" على المهاجرين من بلادهم قسرًا فقط.
توقيت تصاعد الحملة ضد اللاجئين
تزامن تصاعد الحملة ضد اللاجئين في مصر، مع تصاعد غضب المصريين من أزمة الكهرباء، وبدأت الحملة ضد اللاجئين السودانيين قبل يومين فقط من إضافة الحكومة المصرية يوم 23 يونيو 2024 ساعات إضافية لمدة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء.
وحمّلت حسابات مشاركة في الحملة، اللاجئين والمهاجرين في مصر مسؤولية أزمة الكهرباء وغلاء الأسعار، وأزمات أخرى متعلقة بالضغوط الاقتصادية في مصر، بالإضافة إلى انتشار دعوات واسعة لاستهداف أرزاق اللاجئين، ونبذهم ومقاطعتهم، ونشر معلومات خاطئة ومضللة عنهم.
انتشار الهاشتاجات المناهضة للاجئين
خلال الفترة من 21 يونيو وحتى 29 يونيو 2024، انتشر ما لا يقل عن 10 هاشتاجات على موقع "X" بين المصريين، وجميعها مناهضة للاجئين، ومرتبطة ببعضها البعض، وتدعو بعضها إلى "ضرورة ترحيلهم"، وأخرى إلى مقاطعتهم. [صورة1]
وكثفت اللجان الإلكترونية إعادة التغريد تحت الهاشتاجات المذكورة، أكبر من عدد التغريدات الأصلية نفسها، مما يشير إلى أن هناك محاولات مكثفة ومنظمة لتصعيد الهاشتاجات وزيادة معدل ظهورها، إذ يظهر التحليل أن:
- بلغ عدد التغريدات تحت هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك 1671 تغريدة، فيما وصل عدد إعادة التغريد إلى 4552 مرة، ما يعني أن إعادة التغريد استحوذت على أكثر من 73% من المجموع الكلي للتغريدات.
- وفي هاشتاج #مقاطعه_محلات_السوريين، بلغ عدد التغريدات نحو 1700 تغريدة، مقابل 8039 إعادة تغريد، أي أن إعادة التغريد استحوذت على أكثر 82% من مجموع التغريدات.
- في حين وصل عدد التغريدات وإعادة التغريد في هاشتاج #ترحيل_السوريين_واجب_وطنى، إلى 10800.
وكان أغلب الحسابات المساهمة في إعادة التغريدة على الهاشتاجات "مجهولة".
كيف بدأ هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك؟
يوم 20 يونيو الماضي، بدأ انتشار هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك، من خلال حساب باسم "المايسترو" (@bassemelmassry)، هو قائد لجنة إلكترونية على موقع "X" تسمي نفسها بـ"الدولجية"، ودائما ما تقدم نفسها بوصفها داعمة للحكومة المصرية.
"المايسترو" سبق وأن كشف "صحيح مصر" قصته، ودوره في نشر المعلومات المضللة، فهو جزء من لجان "الدولجية" المؤيدة للحكومة، كما توصل "صحيح مصر" سابقاً إلى الشخصية التي تدير الحساب.
[مصدر 1]
وسبق واستضافت قنوات فضائية مصرية "المايسترو" كما روجت لهشتاجاتهم من قبل حسابات مواقع إلكترونية وقنوات فضائية تابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة للدولة المصرية.
[مصدر 2]
كثف "المايسترو" جهوده في التغريد والتعليق على الهاشتاج، مراراً وفي أوقات متقاربة، ثم تبعته في ذلك عشرات الحسابات التي عملت على تضخيم انتشار الهاشتاج، بهدف إيصاله إلى قائمة التغريدات الأكثر تداولاً على موقع "X" في مصر. [صورة 2]
وخلال الفترة من 21 إلى 28 يونيو 2024، نشر حساب المايسترو هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك 268 مرة، بينها 135 مرة خلال يوم 21 يونيو فقط، وتم إعادة التغريدات التي كتبها "المايسترو" خلال 8 أيام نحو 726 مرة.
المايسترو يوجه حسابات مجهولة
تحليل الهاشتاج، أظهر وجود 5 حسابات كانت الأبرز في نشر #ارجع_يازول_سودانك، وجميعها تعمل بأسماء وصور وهمية، تنشط على موقع 'X" ضمن عمل اللجان الإلكترونية، من حيث معدل النشر المرتفع والمتقارب زمنياً لهاشتاجات بعينها، وإخفاء الهوية، وتكرار نشر نفس التغريدات.
والمشترك بين هذه الحسابات كلها تغريداتها المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، ونشرها لهاشتاجات معينة تضخم انتشارها على موقع "X"، ومن بين أبرز الحسابات:
- حساب @yos sra: حساب وهمي، ويشارك في نشر الهاشتاجات المؤيدة للجيش والسيسي.
- حساب @_SOLA_a6: حساب وهمي ونشط في الترويج للهاشتاجات المؤيدة للسيسي.
- حساب @ElmasryNny: حساب وهمي، لديه 104 متابعين، وعدد تغريدات الحساب 14700، ومهمته الإعادة الكثيرة للهاشتاجات.
- حساب @Qwerty1575654: حساب وهمي، لديه 1202 متابع، وعدد تغريداته 14900، ومؤيدة للجيش وتنشر الهاشتاجات المؤيدة للسيسي. [صورة 3]
تعيد هذه الحسابات بكثرة ما ينشره حساب "المايسترو" من هاشتاجات، وبفترات زمنية قريبة، وتشير بعض التغريدات إلى أن "المايسترو" يوجه هذه الحسابات، وغيرها من الحسابات المشابهة للتركيز على نشر هاشتاج معين.
حسابات جديدة مجهولة
أيضًا أنشئ خلال الفترة من يوم 20 إلى 28 يونيو -أي منذ انطلاق الحملة ضد اللاجئين السودانيين- 31 حساباً جديدًا على "X"، وجميعها حسابات وهمية، وهذه الحسابات نشرت وأعادت تغريد الهاشتاج ضد السودانيين 102 مرة. [صورة 4]
ومن بداية يونيو وحتى يوم 19 يونيو -قبل تاريخ بدء الحملة ضد اللاجئين السودانيين- أنشئ 66 حساباً وهمياً، شاركوا في تصاعد الهاشتاج، إذ نشروا وأعادوا التغريد على الهاشتاج 244 مرة، فضلا عن عمل عدد منها على إعادة التغريد من حساب "المايسترو" على هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك. [صورة 5]
على فيسبوك أيضاً، وجدنا حسابات مجهولة أعادت تغريد الفيديو الذي نشره "المايسترو" على حسابه في تويتر، واستخدمت نفس العبارة التي كتبها "المايسترو" على تغريدته. [صورة 6]
هاشتاج #مقاطعة_محلات_السوريين
بدأ هاشتاج "مقاطعة محلات السوريين" في الظهور يوم 2 ديسمبر 2023 على حساب مجهول باسم "@8dcfee62cd5e4f7"، ولكن بدأ في التصاعد بالتزامن مع انتشار هاشتاج #ارجع_يازول_سودانك، الذي بدأ ظهوره يوم 20 يونيو 2024. [صورة 7]
حلل "صحيح مصر" الهاشتاج خلال الفترة من 21 إلى 28 يونيو 2024، إذ وصل عدد التغريدات وإعادة التغريد إلى 9739 تغريدة، وبلغت نسبة وصوله للمستخدمين في موقع "X" إلى نحو 2.8 مليون مرة، وشارك في نشر هذا الهاشتاج 2301 حساب.
الحسابات الـ 10 الأكثر نشاطاً في نشر الهاشتاج، دعمته من خلال التغريد وإعادة التغريد، 1435 مرة وحدها، خلال 8 أيام فقط، أي ما نسبته 14.7 % من مجموع التغريدات وإعادة التغريد، ووصل عدد مشاهدة تغريدات الحسابات الـ10 إلى نحو 1.26 مليون، أي نحو نصف المجموع الكلي من الوصول الكلي. [صورة 8]
خلال فترة تحليل الهاشتاج، جاء حساب Mohamed AbdelHamid والذي حمل هاندل "@maabdelhamid" كأكثر حساب نشر الهاشتاج، ويشير الملف التعريفي للحساب بأنه يعود لشخص يقول عن نفسه إنه "مهندس إلكترونيات مصري"، ويقيم في المملكة العربية السعودية.
من الحسابات الملفتة التي تحمل هوية حقيقية وساهمت في نشر الهاشتاج، واحتوت تغريداتها على خطاب كراهية، حساب الكاتبة المصرية "شيرين هلال" (@sherinhelal555). [صورة 9]
وخلال الفترة بين 21 و28 يونيو، نشرت الكاتبة وأعادت تغريد هاشتاج #مقاطعة_محلات_السوريين 109 مرات، وسجلت تغريداتها وصولاً إلى نحو 995 ألف وصول.
تشوه هلال صورة اللاجئين السوريين وتربط تارة بينهم وبين "الإرهابيين"، وتقول إنهم "مخالفون للقانون"، وتوحي بتغريداتها إلى أنهم "احتلوا" مناطق معينة في مصر، وتزعم بأنهم يأخذون مكان المصريين في الجامعات، وتدعو إلى ضرورة مقاطعة المحلات السورية في مصر. [صورة 10]
برز أيضاً اسم حساب شيرين هلال، خلال تحليلنا لهاشتاج #ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي، خلال الفترة بين 24 و30 يونيو، نشرت هلال هذا الهاشتاج في تغريداتها 97 مرة.
وبرز أيضاً اسم حساب "Mohamed AbdelHamid"الذي كان له دور رئيسي في انتشار هاشتاج "مقاطعة محلات السوريين". [صورة 11]
التنسيق ضد السوريين والسودانيين معًا
بفحص أبرز 10 حسابات شاركت في هاشتاج "مقاطعة محلات السوريين"، نجد أن 7 حسابات منها شاركت أيضاً في الحملة ضد اللاجئين السودانيين في مصر، ما يؤشر إلى وجود تنسيق حيال نشر الهاشتاجات المناهضة للاجئين. [صورة 12]
رصد صحيح مصر خلال تحليل هاشتاج "مقاطعة محلات السوريين"، أنه منذ يوم 1 يونيو إلى 28 يونيو 2024، تم إنشاء 54 حساباً شاركوا بشكل فعال في الترويج للهاشتاج، وهؤلاء وحدهم نشروا أو أعادوا تغريد الهاشتاج 384 مرة.
وتشابه سلوك المستخدمين المشاركين في الحملة ضد السوريين، مع سلوك المستخدمين في الحملة ضد السودانيين في مصر، وهذا السلوك يتطابق مع الخطوط العريضة لعمل اللجان الإلكترونية، من حيث: [صورة 13]
- حسابات تعلن تأييدها للحكومة والسيسي.
- حسابات بأسماء وهمية.
- حسابات بصور غير شخصية.
- تضخيم الهاشتاج بإعادة تغريده من حسابات مركزية لعبت دوراً أساسياً في نشر الهاشتاج مثل حساب "شيرين هلال".
- إعادة نشر الرسائل التي تحتوي نفس المضمون.
خطاب قومي مناهض للاجئين
ويظهر تحليل انتشار الهاشتاجات المناهضة للاجئين في مصر، إلى تحديد شبكة من الصفحات والحسابات والمجموعات التي تصف نفسها بـ"القومية" وتستخدم خطاباً متطرفاً على فيسبوك، وموقع "X"، وساهمت في انتشار الهاشتاجات واحتوت على مئات المنشورات المحملة بخطاب الكراهية ضد اللاجئين.
من بين أبرز الصفحات والحسابات:
- جروب Nationalist-قومي: فيسبوك
- القومية المصرية: فيسبوك.
- التحالف المصري لإعلام السوشال ميديا: فيسبوك.
- الصحوة القومية: فيسبوك.
- حساب "كفاية لاجئين في مصر قرفنا": موقع X.
[صورة 14]
على هذه المجموعات والصفحات، تنتشر يومياً منشورات مناهضة للاجئين تتشابه مع المنشورة على موقع "X" تحت هاشتاجات "مقاطعة محلات السوريين، و"ترحيل السوريين واجب وطنى"، و"ارجع يازول سودانك". [صورة 15]
لو عندك تصريح، خبر، بوست أو تغريدة عايز تتأكد من دقته ومدى صحته.. فريق صحيح مصر على استعداد لتلقي رسائلكم واستفساراتكم عن أي معلومة مشكوك في صحتها، عبر رسائل الصفحة أو على الايميل info@saheeh.news
تعليقات
إرسال تعليق