سحب العملة القديمة، وحظر التعامل مع البنوك، معركة كسر عظم بين مركزي عدن ومليشيا الحوثي في صنعاء؛ عقب مهلة شهرين انقضت دون استجابة البنوك بنقل مراكزها إلى العاصمة المؤقتة (عدن).
حيث أصدر البنك المركزي قرارات بحظر التعامل مع أكبر البنوك التجارية في صنعاء، بالإضافة إلى قرار إيداع العملات القديمة في البنوك التجارية الواقعة في مناطق نفوذ الحكومة.
مليشيا الحوثي قابلت التصعيد الحكومي بتصعيد آخر تمثل بقرار البنك المركزي في صنعاء منع التعامل مع ثلاثة عشر بنكا واقعا في مناطق نفوذ الشرعية.
كما دعت مليشيا الحوثي إلى استبدال العملة القديمة بالطبعة- الجديدة مقابل تعويضهم بما سمته "القيمة الحقيقية".
- إعادة الأمور إلى الصواب
يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، الدكتور محمد قحطان: "أنا أعتقد أن القرارات، التي اتخذها البنك المركزي في عدن، من شأنها إعادة الأمور إلى صوابها، بسبب الانقسام الحاصل، وكان يفترض أن يحيّد البنك المركزي كما يحصل في كل العالم بالحروب الداخلية".
وأضاف: "المؤسسات السيادية أساسا يعني تحيّد عن الصراع، لكن للأسف الذي حصل في اليمن أن البنك المركزي لم يحيّد، وبالتالي أثر تأثيرا كبيرا على العملة الوطنية، وأثر على الجانب الاقتصادي والوضع الإنساني".
وتابع: "لذلك أنا أعتقد أن البنك المركزي اليمني في عدن الآن بدأ يتخذ قرارات -برأيي- ستسهم في الإصلاح".
وأردف: "في الحقيقة هذا القرار كان يفترض أنه يتم في 2016م، لكن للأسف عندما قررت السلطة الشرعية في عدن نقل البنك المركزي، أو بالأصح وظائف البنك المركزي السيادية، من صنعاء إلى عدن، لم تتخذ قرارات أخرى تسند هذا القرار".
وأكد أن "قرارات البنك الأخيرة ستعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، لأن استمرار الانفلات الحاصل في الجهاز المصرفي، لا يمكن للبنك المركزي في عدن من أن ينفذ سياسات نقدية، وهو البنك المركزي المعترف به دوليا، ويتحمل مسؤولية مواجهة التقلبات الاقتصادية".
وقال: "مركزي عدن هو من يتحمل مسؤولية الحفاظ على سعر الصرف، وألا يتدهور بالشكل الذي هو حاصل، وبالتالي يتدهور الوضع الاقتصادي، ويحصل التضخم، ويحصل الكساد، وهو واقف موقف المتفرج، بينما الجهاز المصرفي منفلت، وخارج سيطرته، لذا كان من المهم جدا أن البنك المركزي يسيطر على الجهاز المصرفي".
وأشار إلى أن "إذا سيطر البنك المركزي على الجهاز المصرفي هذا يعني أنه سيستطيع اتخاذ السياسات النقدية التي من شأنها مواجهة التقلبات الاقتصادية، وبالتالي تحسين الوضع المنهار حاليا".
- وجهة نظر حوثية
يقول الخبير الاقتصادي الموالي لمليشيا الحوثي، رشيد الحداد: "إن قرارات البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء جاءت لتؤكد أن صنعاء هي السوق الأساسي للجمهورية اليمنية، خاصة وأن كل البنوك التي تم تأسيسها، أو أنشئت في المناطق الواقعة خارج سيطرة صنعاء، أو في إطار سيطرة الأطراف الأخرى، لها علاقات كبيرة جدا مع السوق المحلي في المحافظات الواقعة تحت سيطرة سلطة صنعاء".
وأضاف: "هذا الإجراء استند إلى عدد من المبررات، منها عدم حصول تلك البنوك على تراخيص رسمية، وعدم امتثالها للقانون".
وأوضح: "البنك المركزي في صنعاء يفرض القانون على القطاع المصرفي، وأنتم تعلمون بأن هناك العشرات من المصارف والبنوك، وكذلك شركات الصرافة، والارتباط الوثيق بين القطاع المصرفي والسوق المحلي كبير جدا".
وتابع: "معظم الواردات، التي كانت تصل عبر ميناء الحديدة أو تصل إلى صنعاء، تم استيرادها من قبل تجار ورجال مال وأعمال جنوبيون، ويتم هناك حركة مالية كبيرة أصلا بين هذه المحافظات".
وأردف: "مهما تم محاولة تعميق الانقسام النقدي والمالي فاليمن لا تزال موحدة، والتعامل التجاري لايزال جاريا بين مختلف المحافظات، رغم وجود تعقيدات كبيرة لهذا التصعيد الاقتصادي، الذي اليمن ليس بحاجة إليه وليس من مصلحته، وخاصة في الظرف الحالي".
وزاد: "ما حدث أن صنعاء اعتمدت العملة من الطبعة القديمة، واستطاعت أن تفرضها بسعر خمسمئة وثلاثين ريالا، بينما عدن فشلت في الحفاظ على سعر صرف العملة".
وقال: "أنا هنا أؤكد لو كانت عدن استطاعت أن أن تحافظ على سعر صرف العملة الوطنية لما حدث انقسام من أساسه".
وأضاف: "الانقسام هو ناتج عن الأثر التضخمي الكبير الناتج عن توجّه السلطات النقدية في عدن نحو طباعة كتلة نقدية ضخمة، وهو إصدار تضخمي تسبب بتداعيات كارثية على الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، وكذلك على القيمة الشرائية لسعر صرف العملة الوطنية".
وأوضح: "بنك عدن اتخذ العديد من الحجج، لكن في نفس الوقت نقول له لو تمكن هذا البنك من فرض سياسة نقدية وتقديم نموذج حقيقي؛ كونه بنكا معترفا به دوليا، خاصة وأنه كان هناك صادرات النفط لعدة سنوات، وحصل على العديد من التمويلات الخارجية، منها ودائع سعودية ومنح وغيرها، كان بالأحرى بالحكومة المعترف بها أن تتعامل مع الملف الاقتصادي وأن تدير الملف الاقتصادي بشكل حكيم".
-ما قيمة قرار مركزي صنعاء؟
يقول الخبير الاقتصادي فارس النجار: "القرار الذي أصدره ما يسمى بالبنك المركزي في صنعاء هو قرار -للأسف الشديد- قيمة الورقة أغلى منه، وهو يتحدث عن وقف التعامل مع بنوك ليست لها فروع أصلا في داخل العاصمة المغتصبة صنعاء".
وأضاف: "الجانب الآخر أنا أستغرب اليوم أن يتباكى نظام صنعاء على القطاع المصرفي، وهو الذي لسنوات فرض الجبايات، وأدى إلى تضاؤل حجم القطاع الخاص في داخل مناطق الخضوع -حسب تقرير للبنك الدولي- بنسبة 50%".
وتابع: "أستغرب كيف يتباكى نظام صنعاء اليوم على القطاع المصرفي وهو الذي قام بنهب استثمارات البنوك التجارية في أذون الخزانة، وفي أدوات الدين المحلي، البالغة أربعة مليارات وستمائة مليون دولار، وحرم البنوك التجارية من الوصول إليها، الأمر الذي جعل البنوك غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المودع".
وأردف: "أستغرب كيف يتباكى اليوم نظام صنعاء على القطاع المصرفي وهو الذي يفرض الجبايات، وهو الذي قام بإنشاء أكثر من ألف ومائة واثني عشر شركة (1112) بمئة وخمسة وسبعين (175) شركة صرافة، وسمح لهم بفتح حسابات مخالفة لقانون البنك المركزي؟".
وتساءل بسخرية: "عن أي هراء يتحدث الأخوة في صنعاء اليوم عن أن البنك المركزي في صنعاء اليوم حريص؟ أين هذا الحرص من النهب الممنهج؟".
وزاد: "قامت مليشيات الحوثي باقتحام بنك التضامن، وسرقة الأموال بحجة أنها أموال كانت مودعة للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي؛ هذه جماعة مليشياوية لا تفكر بقطاع مصرفي ولا يهمها أن يكون هناك قطاع مصرفي في البلد".
واستطرد: "البنك المركزي في عدن اليوم حريص كل الحرص على إعادة الهيبة للقطاع المصرفي، وعلى معالجة التشوهات التي شرعتها جماعة الحوثي اليوم".
وأضاف: "لا يمكن منطقيا ولا عقليا بأن تظل مراكز رئيسية بإدارة الامتثال لها، وإدارة عملياتها، تعمل تحت سلطة الانقلاب في ظل جماعة مصنفة إرهابيا لا تخضع لرقابة محلية ولا دولية".
وتساءل: "كيف سيتم محاربة تمويل الإرهاب، وغسيل الأموال في ظل سلطة أصلا مصنفة إرهابيا على المستوى العالمي؟".
وأضاف: "أعتقد اليوم عندما وصلنا إلى مرحلة هناك مظاهرات، منذ أيام، في العاصمة المغتصبة صنعاء لأناس أمام البنوك لم يستطيعوا الحصول على أموالهم؛ من يتحمل هذه المسؤولية اليوم؟ من الذي حرم البنوك التجارية من الوصول لاستثماراتها؟".
ويرى أنه "من المنطقي اليوم أن يحاول البنك المركزي في عدن حماية القطاع المصرفي".
تعليقات
إرسال تعليق