رأي المذاهب الأربعة والعلمات في إخراج زكاة الفطر نقداً

تأتي زكاة الفطر كأحد الفرائض الإسلامية التي تجسد مفهوم النقاء والتكافل في الإسلام. هذه الزكاة المفروضة على كل مسلم قادر تهدف إلى تطهير النفس من الخطايا والإسهام في دعم الفقراء والمحتاجين. ومع الخلافات الفقهية حول إمكانية إخراجها نقدًا أو عينًا، يبرز السؤال حول الأفضلية بما يتوافق مع روح الزمان ويحقق مصلحة الفقير.

لذا فمقال اليوم هو استكشاف لمختلف وجهات النظر والتطبيقات عبر المذاهب الإسلامية في كيفية إخراج زكاة الفطر. فلنبدأ مقالنا.

مقدار زكاة الفطر نقداً

أمر رسول الله أن زكاة الفطر تكون كما روي عن ابن عمر قال: ““فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ”

يُقدر مبلغ زكاة الفطر لكل مسلم قادر بحوالي 4.5 دولار، مع الإشارة إلى أن زيادة هذا المبلغ قد يؤدي إلى زيادة الأجر من الله.

وتوجد وجهات نظر مختلفة بين العلماء حول ما إذا كان يمكن إخراج زكاة الفطر نقدًا أم لا؛ فبعضهم يرى أنه لا يجوز لعدم وجود نص صريح يدعم ذلك، بينما يؤيد آخرون هذا الفعل لما فيه من تيسير على الفقراء في تلبية حاجاتهم.

هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؟

حول موضوع إخراج زكاة الفطر نقدًا أو عينًا، ثمة اختلافات فقهية واسعة بين العلماء؛ بعضهم يعتبر الدفع النقدي خروجًا عن السنة النبوية، مفضلين الصدقة بالتمر، أو الزبيب، أو الشعير كما أمر النبي. 

مع ذلك، تشير النقاشات المستفيضة إلى أن الإلزام بشكل معين قد يفرض صعوبات على المسلمين، لذا يُفضّل للمسلم أن يخرج زكاته بما يسهل عليه، سواء كان مالاً أو عينًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تيسير الأمور يعتبر مقصدًا شرعيًا، خصوصًا في الدول الغربية حيث يسهل دفع الزكاة نقدًا. 

إخراج زكاة الفطر نقداً في المذاهب الأربعة

أحكام زكاة الفطر عند المالكية 

يقدم المذهب المالكي وجهتي نظر حول زكاة الفطر، الأولى تعتبرها واجبة يجب إخراجها قبل صلاة العيد، بينما الثانية تصفها بأنها سنّة نبوية غير واجبة.

حكم إخراج زكاة الفطر نقداً عند المالكية

يشترط المذهب المالكي إخراج زكاة الفطر من الطعام مثل التمر والزبيب استنادًا لأحاديث الرسول، ويمنع إخراجها نقداً للحفاظ على الأصول الدينية.

 على من تجب زكاة الفطر عند المالكية

تعد زكاة الفطر واجبة على كل مسلم قادر بشرط أن يكون ما يُخرجه فائضًا عن حاجاته وحاجات من يعولهم، ولا تقتصر هذه الزكاة على الكبار فحسب بل تشمل الصغار الذكور والإناث وحتى الجنين إذا ولد قبل فجر العيد، ويجب أن تُخرج عنهم وعن من تلزمهم نفقتهم. ولمن لا يقدر على إخراجها بنفسه يُمكنه توكيل غيره ليقوم بذلك نيابةً عنه.

 وقت وجوب إخراج زكاة الفطر عند المالكية

يلزم المذهب المالكي إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو ثلاثة أيام، ولا يجوز تأخيرها لما بعد صلاة العيد، مؤكدين أن الوقت الأخير المقبول لإخراجها هو قبل بدء الصلاة مباشرةً.

رأي الحنفية في زكاة الفطر

يعتبر المذهب الحنفي زكاة الفطر فريضة على كل مسلم، مستندًا إلى سنة النبي، بشرط أن يكون المسلم مسلمًا حرًا، ويملك مالًا يزيد عن حاجته الأساسية.

نصاب زكاة الفطر عند الحنفية

يحدد نصاب زكاة الفطر لدى الحنفية بنصف صاع، حيث يُقاس الصاع بأربعة أمداد تملؤها كفّي رجل معتدل البنية دون قبض أو بسط.

على من تجب زكاة الفطر عند الحنفية؟

في المذهب الحنفي، يجب على المسلم الذي يملك زيادة عن حاجته أن يدفع زكاة الفطر لنفسه ولمن يعولهم،بما في ذلك أطفاله وأي منهم لديه إعاقة عقلية.

حكم إخراج زكاة الفطر نقداً عند الحنفية

أجاز المذهب الحنفي بإخراج زكاة الفطر نقداً  استنادا للآية: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً”، أي أن أصل الصدقة هو إخراج مال، وهذا القول ما ذهب إليه الحسن البصري،  وعمر بن عبد العزيز.

زكاة الفطر عند الشافعية

حكم زكاة الفطر عند الشافعية

يلزم المذهب الشافعي كل مسلم حر وقادر بإخراج زكاة الفطر التي حُددت بصاع من التمر أو الشعير لكل فرد، ذكرًا كان أو أنثى، حرًا أو عبدًا، بناءً على حديث عبدالله بن عمر عن الرسول.( ص ):”صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى كُلِّ حُرٍّ، أوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ” 

وقت إخراج زكاة الفطر عند الشافعية

يرى الشافعية أن زكاة الفطر  تجب بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان، أي على كل مسلم شهد ليلة الفطر. والرأي الثاني يقول بوجوبها عند طلوع فجر يوم العيد، قبل صلاة العيد، وهذا هو الرأي المرجح عند أغلب العلماء.

آراء العلماء في إخراج زكاة الفطر نقداً

مقدار زكاة الفطر الشيخ فركوس

يرى الشيخ فركوس أن الزكاة واجبة على كل مسلم توافرت فيه الشروط الآتية:

• الإسلام: فلا زكاة للكافر لأن زكاة الفطر تطهر الصائم ويتقرب بها المؤمن من ربه.
• المسلم المقتدر: من يملك فائضا عن حاجته ويستطيع دفع زكاة الفطر عنه وعن أهل بيته.

هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً الألباني؟

ذهب الشيخ الألباني إلى عدم جواز دفع زكاة الفطر نقداً، لما في ذلك من خروج عن النص ومخالفة لأوامر الله تعالى.

ولكن وجب إخراج الطعام من القوت الذي يقتات به أهل البلد مثل الرز والسكر، أما إذا ادخر الناس التمر والزبيب فالافضل التقيد بنص رسول الله بصاعٍ من التمر..

حكم إخراج زكاة الفطر نقداً دار الإفتاء المصرية

أقرت دار الإفتاء المصرية بشكل قاطع جواز دفع زكاة الفطر نقداً، معتبرةً هذا الفعل متماشياً مع أهداف الشريعة الإسلامية لتحقيق الخير للمجتمع، متبنيةً بذلك مذهب الحنفية، والهدف من ذلك هو تمكين الفقراء والمساكين من تلبية احتياجاتهم الأساسية دون الحاجة للسؤال في بداية العيد.

هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ابن عثيمين؟

أفتى ابن عثيمين أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً، لأن الثابت في الحديث والسنة النبوية الشريفة إخراج زكاة الفطر صاعاً من التمر، أو صاعاً من الزبيب؛ ومن عمل بغير هذا العمل لا يقبل كما ورد بحديث الرسول صلى الله عليه “ من علم عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” أي لا يجزي عنه، ومردود عليه.

حكم إخراج زكاة الفطر نقدا ابن باز

يجب أن تخرج  زكاة الفطر على شكل طعام، وهذا هو الرأي الأكثر اتباعاً وفقًا لسنة الرسول وأهل العلم، بينما يُعتبر إخراج زكاة الفطر نقدًا ضعيفًا حتى لو أقره بعض العلماء. يُخرج صاعًا من قوت البلد.

زكاة الفطر نقداً ابن تيمية

ذهب ابن تيمية إلى قبول إخراج زكاة الفطر نقداً إذا كان ذلك يعود بالنفع الأكبر على الفقير، معتبرًا المال أكثر فائدة لهم في شراء الضروريات، وأسهل لمن يؤدي الزكاة بدلاً من شراء الطعام وتوزيعه.

رأي الشعراوي في زكاة الفطر

كان للشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله رأي واضح فيما يخص زكاة الفطر، حيث أكد على أنها فريضة على كل مسلم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، ذكرًا أو أنثى، حرًا أو عبدًا. وقد أوضح أن زكاة الفطر يجب أن تخرج قبل صلاة العيد من الطعام وليس النقود.

إخراج زكاة الفطر نقدا سعيد الكملي

يُشدد الحديث النبوي، كما نقله أبو سعيد الخدري وأُثبت في الصحيحين، على أن زكاة الفطر يجب أن تُخرج عينًا، بمقدار صاع من طعام مؤكدًا على أهمية إخراجها من قوت البلد المعتاد، دون اللجوء إلى دفعها نقدًا.

هل يجوز التبرع بزكاة الفطر لبلد آخر؟

الأفضل إخراج زكاة الفطر في البلد الذي يعيش فيه الإنسان، ولكن لا بأس إذا كان هناك حاجة لإرسالها إلى بلد أخر.

مبادرة مسارات للتعليم عن بعد في سوريا

في سوريا، يواجه الطلاب كثيرا من التحديات أبرزها التسرب من التعليم ومعاناة النزوح، إلا أنهم ورغم ذلك لا يزالون يسعون وراء أحلامهم ويبحثون عن شعاع أمل وسط الألم. 

مبادرة “مسارات” تؤدي دوراً مهماً في إعادة هذه الأحلام إلى الواقع من خلال توفير حلول تعليمية عن بعد، مما يفتح أبواب المستقبل أمام هؤلاء الطلاب. 

ندعوك للمساهمة في هذه المبادرة بزكاة مالك، دعماً لبناء مستقبل يليق بهم، في خطوة تضمن أن تصل زكاتك وصدقاتك إلى من يستحقها في مجال حيوي كالتعليم، الذي أكد عليه الرسول ﷺ بقوله: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهل الله له به طريقًا إلى الجنة” فهذا فضلك يذهب لمن يستحقه.