بلدي هى العسيرات احدى مراكز محافظة سوهاج فى صعيد مصر ، منذ قديم الأزل تنجب لنا الكثير والكثير من القامات الأدبية والثقافية منها ما ظهر للنور واستطاع الوصول الى أرض الأحلام ومنارة النور والقرب من الأعلام فأستطاع شق طريق الظلام وكان خير سفير للكلمة والمعني، ومنها ما شغلته الحياة وقبع فى احشائها منشغلا بإلامور الحياتية والمهنية دون تأثير على الموهبة الفطرية التى منحها الله له ويقترب من وسائل التواصل الأجتماعى على أستحياء نظرا لظروف الوقت التى غالبا لا تكون فى صالحة .
ومن شخصيات العسيرات الثقافية التى لديها موهبة فطرية تصل الى الإحتراف الدكتور : فتحى عمر نصار وهو الذى سنبدأ به هذه السلسلة ان شاء الله بعنوان (شحصيات من بلدى) .
• شخصية اليوم من مواليد شهر يوليو 1958 م - حفظه الله وأطال في عمره وهو طبيب باطنه بشرى يمتاز بدماثة الأخلاق والروح الراقية والشخصية الإجتماعية التى تعرف الكبير فتحترمة وتقدرة وتعرف الصغير فتعطف عليه وتقترب منه ، هذا الطبيب مرهف الأحساس والمشاعر الأنسانية اقتربنا منه أكثر خلال السنوات القليلة الماضية وأكتشفت ان لدية القدرة على تطويع الحروف الهجائية فى صنف من صنوف الأدب (الشعر الفصحى) ووجدته فعلا شاعرا بمعنى الكلمة يجيد التعامل مع الأوزان والبحور والقوافى الشعرية وروعة الصور الشعرية فى قصائده تجعله منفردا ومتفردا وقد قرآت له ذات مره قصيدة الجندول التى قام بنشرها للشاعر على محمود طه وفيها بعض ابيات أقرأها للمرة الأولى فى حياتي ومنها : -
أَيُّـهَـا المَــلَّاحُ قِـفْ بَــيْنَ الجُـسُـــــــورْ
فِــتْنَــةِ الدِنْـيـــا و أَحْـــلامِ الدُهُــــــورْ
صَــفَّـقَ المَــوْجُ لِـوِلْــــــدَانٍ و حُــــــورْ
يُـغْـــرِقُـونَ الْـلَيْـــلَ في يُنْبُـــــوعِ نــورْ
....
للقارئ الكريم أن يتخيل التصوير والتجسيم فى شطرات هذه القصيدة ولا يستطيع تجاوزها بسهوله بل يقف امامها مرات تلو المرات وهو يشاهد ويتخيل كيف يقف الملاح بين الجسور وكيف تكون احلام الدهور وتصفيق الموج الهادر فى الحروف والغرق فى ينابيع النور وكيف يكون النور ينبوعاً .
هذا القلم الثائر النابض بالحق للطبيب الشاعر نراه ايضا فى هذه القصيدة الرائعة المتمردة على الواقع المؤلم وتأنيبة للقلب الذى ينبض بين جوانحة فى صورة جمالية ترنوا لها العيون ولا تمل من استثاغتها العقول ويقول فيها : -
صَــــارَ قـلْبــيِ مِـثْـلَ طَـيْـرٍ
فِــيِ فَـــــــــلاةٍ ذَبَـحـــــــوهْ
ثُـــمَّ أَجُّــــوا فـــيهِ نَـــــــارَاً
فِــيِ لَــظَـــاهــا تَــرَكُــــــوهْ
و اسْـتَداروا.. لَــمْ يُـبَـــــالوا
مِــنْ فُــــــؤادٍ أَحْــــــرَقُـــوهْ
لَــيْتَــهُـمْ نَـظَــروا بِــعَــيْنِ الْـ
عَـــقْـلِ فِــيمَــا أَهْـــــــــدَروهْ
لَـــوْ أَرَادوا فِـــيهِ عَــــــــدْلاً
مَــا رَضـــوا أَنْ يَــقْــتـــلوه
مَـــا اسْــتَـبَـاحوا فِـيـهِ ذَبْحَـاً
بَـــلْ بِــعَــطْـفٍ بَــــدَّلـــــــوهْ
بَــيْــدَ أَنَّ النَّــــاسَ دَوْمَــــــاً
عَـنْ مَـــدَيَ الحَــقِّ تَـتُـــــــوهْ
............................
كَــانَ يَـحْــويِ كُــلَّ خَـــــــيْـرٍ
نَــــــافِـعٍ لا يَـعْــــــرفُـــــــوهْ
كَــانَ يَــطْـــوِيِ فِــيهِ حُـبَّــــاً
دَافِــــقَـاً.. قَــدْ جَــهَـــــــــلوهْ
كَــانَ عُــنْــــوانَ المَـــــــروءةِ
و الفَــضِـــيلَةِ... أَبْـــغَــضُـــــوهْ
كَــانَ لا يَـبْـغِــــيِ كٌـثـيـــــــًراً
غَـيْــرَ حَـــــــقٍ ضَــيَّــعُــــــوهْ
وَيْـحَ قَـلْـبي..!!.. جَاءَ في زَمَـنٍ
بِـــهِ العَـــــدْلُ نَـــفُـــــــــوهْ..!!
**
ان الكتابة عن هذه الشخصية ليس بالأمر اليسير فهذا الطبيب المعالج للأسقام ذائع الصيت والأنتشار شاعر مرهف الحس متمكن من أدواته يجيد ترويض الحروف الهجائية ويستطيع أمتطائها كالفارس العليم بردود أفعال المهرة الجامحة وقادر على كبح جماحها متأثرا بالتقلبات التى عاصرها منذ النكسة وانتصار اكتوبر والتغيرات التى طرأت على المجتمع حتى تاريخ اليوم ونرى ذلك أيضا فى قوله : -
وطنٌ يَضِيعُ و أُمَّةٌ قَدْ مُزِّقَتْ
شَعْبٌ يكابِدُ يَومَهُ تَنْكِيلا
أيامُنا رَسَمَتْ على جَبَهاتِنا
سَمْتاً يفيضُ مَرَارَةً و ذُهُولا
تَمْضي بِنا و كَأَنَّنا في مَتْنِها
غَرْقَيَ نُصَارِعُ مَوجَهَا المٌجْهُولا
أيَّامُنا تَقْسو على أَحْلامِنا
أَضْحَيَ العَزيزُ بِأَهْلِنا مَذْلولا
أَضْحَيَ الذي يَبْغِي الكَرَامَةَ خَائِناً
أَمْسَيَ الذي يَبْغِي الرُقِيَّ عَليلا
وَ عٌلَتْ حَنَاجِرُ مَنْ أرادُوا بِالْوَطَنْ
خَسْفَاً و صارَ كٌلَامُهُمْ مٌصْقُولا
وَ الجَاهِلُ المَرْذُولُ أصبَحَ هَامَةً
يُدْلي بِقَوْلٍ.. لا يُقِيمُ دَلِيلَا
وَ غَدَا المُنَافِقُ قَامَةً و مَكَانَةً
تَعْلو على مَنْ يَبْتَغِي تَعْدِيلا
أَبْواقُهُمْ صارَتْ تُمَزِّقُ سَمْعَنَا
وَ تَقُولُ إِفْكاً ظاهِراً و جَهُولا
أَبْوَاقُهمْ تَشْدُو بِكُلِّ دَنِيَّةٍ
يَأْبَيَ لَها كُلُّ الكِرامِ قُبُولا
تَتَنَافَسُ النَكِراتُ في شَاشَاتِنا
وَ تَفِيضُ قَولاً خَاضِعَاً و ذَليلا
وَ تُذِيبُ مَعْسولَ الكَلامِ بِسُمِّها
تُعْطِي لِكُلِّ نَقِيصَةٍ تَأْويلا
تَبْني قِلاعَ الوَهْمِ في جَنَبَاتِنا
هَلْ يَرْويَ الوَهْمُ الكٌذُوبُ غَلِيلا
وَ القَائِمونَ علىَ البِلادِ تَغَوَّلوا
في غِيِّهِمْ... جَاثُوا بِنا تَقْتِيلا
سَرِقوا مِنَ المِسْكينِ لُقْمَةَ عَيشِهِ
فٌمَضَيَ يُصَارِعُ عَيشَهُ مَكْبُولا
وَ غَدَتْ جُمُوعُ النَّاسِ تَنْدِبُ فَقْرَها
وَ تَرُومُ في آتِ الزَمَانِ بَدِيلا
تَشْكُو لِبَارِئِها شُخُوصَاً قَدْ طَغَتْ
وَ بَغَتْ عَليَ كُلِّ العِبَادِ طَويلا
يا قَابِلَ الدَعَوَاتِ فَرِّقْ جَمْعَهُمْ
نَكِّلْ بِهِمْ في سَعْيِهِمْ تَنْكِيلا
وٌ الْطُفْ بِنا يا رَبَّنَا في سَعْيِنا
وَ اجْعَلْ إلَهيِ سُؤْلَنا مَقْبُولا
وَ ارْحٌمْ إلَهيِ ضَعْفَنا و هَوَانَنَا
وَ أَعِدْ لِمِصْرَ سَلامَها المَأْمُولا
...
ختاما فى هذه السلسلة التى بدأتها بهذه الشخصية الرائعة المحبوبة أتمنى أن اكون قد بدأت تسليط الضوء على شخصيات من بلدى التى نشأت وترعرعت فيها واتمني لكم طيب المقام بين حواياها وتمنياتى للطبيب الشاعر فتحى عمر نصار بدوام التميز والإبداع .
تعليقات
إرسال تعليق