وسط معارضة سياسية شرسة حول القانون المثير للجدل الذي أقرته حكومة الاحتلال اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، تدخلت المحكمة العليا في إسرائيل، اليوم الاثنين، على خط الجدل الثائر وأصدرت قرارها بإبطال القانون الذي قلّص بعض صلاحيات المحكمة العليا وتسبب في إثارة احتجاجات في جميع أنحاء دولة الاحتلال.
المحكمة العليا الإسرائيلية قررت إبطال البند الرئيسي في القانون الذي ينص على حرمان السلطة القضائية من الحق في الحكم على "معقولية" قرارات الحكومة، أو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وفق "فرانس برس".
سابقة تاريخية
صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية وصفت قرار المحكمة بأنه "سابقة تاريخية" بأن يقرر المجلس الأعلى للقضاة بأغلبية 8 أصوات مقابل 7 بإبطال تعديل القانون الأساسي للسلطة القضائية، لتصبح المرة الأولى التي تتدخل فيها المحكمة العليا في التشريع الأساسي، بعد نحو ستة أشهر من مصادقة "الكنيست" على الخطوة الأولى في مشروع تعديل القانون.
وجاء قرار القضاة بأغلبية آراء 8 قضاة حكموا برفض تعديل القانون الأساسي ضد 7 قضاة حكموا بعدم رفض التعديل، ورأى القضاة الذين يمثلون الأغلبية أن تعديل القانون الأساسي "يتجاوز السلطة التأسيسية للكنيست، وبالتالي يجب إعلانه لاغيًا وباطلًا"، فيما رأت رئيسة المحكمة المتقاعدة إستر حايوت، أن "صياغة تعديل الكنيست متطرفة واستثنائية، وبالتالي فهو يمنع التدخل حتى في القرارات الحكومية التي لا أساس لها وغير المعقولة بشكل واضح". وفق الصحيفة.
قاض معارض
في المقابل، قال القاضي دافيد مينتز، الذي كان من رأي الأقلية، إنه "لا يوجد خلاف في أن القوانين الأساسية في إسرائيل لا تمنح المحكمة سلطة صريحة لإجراء مراجعة قضائية جوهرية للقوانين الأساسية، ولا توجد أي تعليمات تجيز لأي هيئة قضائية، بما في ذلك هذه المحكمة، إبطال قانون أساسي، فالأمور في نظري بسيطة وواضحة ومفهومة ولكن نظرًا للأهمية الكبيرة التي أسندت إلى هذا الموضوع في عرائض اليوم، جلست وألقيت نظرة فاحصة على القوانين الأساسية ولم أجد شيئًا، فالأمور واضحة وحاسمة، ولا يوجد أي مصدر للسلطة يسمح لهذه المحكمة بمناقشة صحة قانون أساسي، وبالتأكيد عدم إبطاله".
حكم لا مثيل له
وعلّق وزير العدل بحكومة الاحتلال "ياريف ليفين" على الحكم غير المسبوق، وقال إن "القضاة يأخذون في الواقع بين أيديهم في الحكم جميع السلطات، التي يتم توزيعها في النظام الديمقراطي بطريقة متوازنة بين فروع الحكومة الثلاثة، حيث من المستحيل سن قانون أساسي أو اتخاذ أي قرار في الكنيست والحكومة دون موافقة القضاة، والمحكمة العليا تحرم ملايين المواطنين من صوتهم وحقهم الأساسي في أن يكونوا شركاء متساوين في صنع القرار"، ووصف الحكم بأنه "لا مثيل له في أي ديمقراطية غربية".
حزب الليكود والعديد من الوزراء وأعضاء الكنيست قالوا في بيان تم تنسيقه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه "من المؤسف أن المحكمة العليا اختارت إصدار حكم في قلب النزاع الاجتماعي في إسرائيل، وعلى وجه التحديد عندما يقاتل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي من اليمين واليسار ويعرضون حياتهم للخطر، ويأتي قرار المحكمة الذي يتعارض مع إرادة الشعب من أجل الوحدة، خاصة خلال الحرب".
لن يتعلموا شيئا من 7 أكتوبر
من جهة أخرى، قال رئيس المعارضة يائير لابيد إن "قرار المحكمة العليا ختم عامًا صعبًا من الصراع الذي مزّقنا من الداخل وأدى إلى الكارثة الرهيبة في تاريخنا، وإن مصدر قوة دولة إسرائيل، وأساس القوة الإسرائيلية، هو أننا دولة يهودية، ديمقراطية، ليبرالية، تحترم القانون، واليوم، قامت المحكمة العليا بأمانة بدورها في حماية مواطني إسرائيل، ونحن نمنحها دعمنا الكامل". ووفقا له، "إذا بدأت الحكومة الإسرائيلية النزاع حول المحكمة العليا مرة أخرى، فإنها لن تتعلم شيئًا من 7 أكتوبر، ولم يتعلموا شيئًا من 87 يومًا من الحرب من أجل الوطن".
انتهاك للقيم الديمقراطية
وهاجم وزير التربية والتعليم الإسرائيلي "يوآف كيش" القرار الاستثنائي الذي اتخذته المحكمة العليا بإبطال قانون أساسي للكنيست بشأن مسألة المعقولية لأول مرة، قائلا: "إن مجرد إجراء مناقشة بشأن إبطال قانون أساسي من قبل محكمة العدل العليا يشكل انتهاكًا للديمقراطية"، وكتب في تغريدة له عبر موقع "إكس"، "إن اتخاذ قرار بإبطال القانون الأساسي، عندما يكون اثنان من القضاة قد تقاعدا بالفعل من السلطة القضائية وعندما تكون دولة إسرائيل في حالة حرب، يعد انتهاكًا للقيم الأساسية للديمقراطية الإسرائيلية".
تعليقات
إرسال تعليق