بحسب التقرير الذي نشره موقع المرصد العالمي للسرطان The Global Cancer Observatory، سجلت إحصائيات عام 2020 في الكويت إصابة 190 مصاباً جديداً بسرطان الرئة، ما جعله يحتل المرتبة الـ7 في قائمة الأورام الأكثر شيوعاً في الكويت (%5 من نسبة المصابين بالسرطان عموماً). أما عدد الوفيات بسبب سرطان الرئة في ذات السنة فكان 164 مصاباً، ليحتل المرتبة الثانية في قائمة وفيات السرطان. وفي ظل محدودية الخيارات العلاجية لسرطان الرئة، يعد أي تقدم أو اكتشاف في مجال العلاج أو الوقاية من هذا السرطان أمراً مبشراً وباعثاً للأمل.
أعلنت، أخيراً، شركة التكنولوجيا الحيوية الفرنسية OSE Immunotherapeutics عن نتائج إيجابية للقاحها العلاجي «تيدوبي» (Tedopi) لدى مرضى يعانون من سرطان الرئة المتقدم، إذ أدى هذا اللقاح إلى انخفاض خطر الوفاة مقارنة بالعلاج الكيمياوي.
وللتوضيح، تعتبر اللقاحات من ضمن العلاجات المناعية التي تهدف إلى زيادة دقة الجهاز المناعي في التعرف على الخلايا السرطانية وأيضاً رفع كفاءته في مكافحتها وتدميرها. وقد أظهرت النتائج التي نشرتها مجلة أنالز أوف أونكولوجي للمرحلة الثالثة من التجربة السريرية (السابقة لطرح اللقاح) أن حوالي %44 من المرضى الذين تلقوا اللقاح لا يزالون على قيد الحياة بعد عام واحد من بدء العلاج، في مقابل حوالي %27 فقط على قيد الحياة في مجموعة العلاج الكيمياوي. كما لفت الباحثون إلى أن النتائج هي حصاد أكثر من ألف حقنة أُجريت خلال مختلف الدراسات السريرية، حيث شارك ما مجموعه 219 مريضاً في تسع دول أوروبية والولايات المتحدة (139 تلقوا «تيدوبي» و80 تلقوا العلاج الكيمياوي). وأُعطيَ اللقاح في البداية كل ثلاثة أسابيع، ثم كل ثمانية أسابيع لمدة عام، ثم سيستمر كل 12 أسبوعاً.
وأوضح البروفيسور بانجامان بيس، رئيس فريق الأبحاث السريرية في معهد غوستاف - روسّي قائلاً: «بينت الدراسة أيضاً أن الاستعاضة عن العلاج الكيمياوي باللقاح توفر نوعية حياة أفضل للمرضى وحداً للآثار الجانبية، وهذه النتائج توفر أملاً جديداً لهؤلاء المرضى».
المناعي والموجَّه
في لقاء حصري لـ القبس، أعرب البروفيسور عرفات طفيلي، استشاري وباحث في سرطان الرئة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، عن تفاؤله بمستقبل علاجات السرطان عموماً وسرطان الرئة خصوصاً. وشرح قائلاً: «العلاج الكلاسيكي لسرطان الرئة هو العلاج الكيميائي. ولكن منذ حوالي 15 سنة، تم ابتكار العلاج الموجه الذي يهدف إلى استهداف جينات معينة في الورم، فبعد التحليل الجيني للورم يتم تحديد الجينات التي يمكن استهدافها عبر عقاقير مخصصة (تسمى العلاج الجيني الموجه) لتدمير وقتل السرطان. وقد بينت الدراسات أن هذا النهج من العلاج أفضل من العلاج الكيميائي.
أما أحدث علاج لسرطان الرئة، فهو العلاج المناعي الذي بدأ استخدامه إكلينيكياً منذ 8 سنوات. ويركز هذا النهج العلاجي على زيادة كفاءة الجهاز المناعي في مكافحة وتدمير الخلايا السرطانية. وبحسب الخبرة والسجلات الطبية، فإن فعالية هذا النوع من العلاج مرتفعة في إدارة المرحلة الثالثة والرابعة من سرطان الرئة. وتركز عدة مراجعات بحثية على تقييم فعاليته في علاج المراحل الأولى والثانية من سرطان الرئة.
أما بالنسبة للعلاج الجديد أو اللقاح الجديد «تيدوبي» فهو من ضمن العلاجات المناعية التي تخضع للدراسة والتقييم. وتشير نتائجه إلى فائدته في علاج المراحل المتقدمة التي يصعب علاجها حالياً ولا تتوفر لها خيارات علاجية كثيرة. لكنه لا يزال في أول مراحل التجارب الأولية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نتائج المرحلة الأولى من تجارب هذا اللقاح العلاجي مبشرة وتعطي أملاً بتوفير علاج ناجح لهذه الفئة من المرضى».
الأسباب
هناك عدة أسباب للإصابة بالأورام السرطانية عموماً، ولا يمكن القول إن جميع أنواع السرطان لها سبب مشترك، بل يمكن القول إن لكل سرطان عوامل خطر خاصة به، فعلى سبيل المثال، يُعرف أن أهم العوامل التي تزيد فرصة الإصابة بسرطان الرئة هي:
● تدخين التبغ بكل أنواعه.
● العيش في بيئة ملوثة.
وهذه العوامل نفسها تزيد فرصة الإصابة أيضاً بسرطانات الجهاز التنفسي، مثل سرطان الفم والأنف والأذن والحنجرة، إضافة إلى سرطان المثانة.
لماذا يصيب غير المدخنين؟
وحول سبب إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة، أوضح الدكتور قائلاً: «صحيح أن التدخين هو السبب الرئيسي لسرطان الرئة، ولكن قليل من غير المدخنين يصابون به أيضاً، وذلك نتيجة لحدوث طفرات جينية، وهي حالات فردية وغير وراثية (لا تورث)».
لماذا يتأخر التشخيص؟
وأضاف الدكتور قائلاً: «مشكلة معظم الحالات المصابة بسرطان الرئة هي أنها تُكتشف في المرحلة المتقدمة، أي بعدما تصل المرحلة الرابعة أو الخامسة من المرض. ويقدر بأن أكثر من %70 من حالات الإصابة بسرطان الرئة تُكتشف في المرحلة الثالثة والرابعة من المرض. وفي هذه المراحل يكون تركيز العلاج ليس على شفاء المريض، بل تخفيف أعراض الورم وإطالة عمر المصاب وتحسين جودة حياته فقط. بينما كان من الممكن أن ينجح العلاج في شفاء المريض لو تم اكتشاف الإصابة وتشخيصها خلال المرحلتين الأولى والثانية. وسبب تأخر اكتشاف الإصابة يرجع إلى أن الأعراض المبدئية لا تكون واضحة ولا تشكك المريض بالإصابة».
معلومات مهمة
● طفرات جينية وراء إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة
● العلاج المناعي يركز على زيادة كفاءة الجهاز المناعي في مكافحة وتدمير الخلايا السرطانية
● اللقاح الجديد «تيدوبي» من العلاجات المناعية التي تخضع للدراسة والتقييم
● العلاج الموجَّه يهدف إلى استهداف جينات معينة في الورم
● الاستعاضة عن العلاج الكيماوي باللقاح توفر نوعية حياة أفضل للمرضى وحداً للآثار الجانبية
إرشادات وقائية
يُنصح بتجنب كل أنواع تدخين التبغ، سواء السيجارة أو السيجار أو النرجيلة. ويضاف إلى ذلك أيضاً العيش في بيئة تتمتع بهواء نظيف خالية من التلوث.
وتشمل الإرشادات الوقائية من جميع أنواع السرطان الأخرى ما يلي:
1 - الحفاظ على وزن صحي.
2 - تناول تغذية غنية بالمنتجات الطبيعية الصحية (خاصة للوقاية من سرطانات الجهاز الهضمي بما فيها القولون).
3 - الانتظام في ممارسة الرياضة.
4 - تفادي الكرش وتخفيف الدهون في الجسم.
5 - الخضوع للفحوصات الدورية وفحوصات تقصي التشخيص المبكر للسرطانات الشائعة، مثل سرطان القولون والثدي وعنق الرحم.
فحص كل من دخَّن 30 عاماً
يُعرف بأن التدخين هو السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة، كما يتضاعف احتمال الوفاة بين المدخنين المصابين بسرطان الرئة إلى ما يقارب 15 - 30 مرة مقارنة بغير المدخنين، لذا، شددت توصيات عالمية أطلقها عدة أطباء دوليين على ضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة بين المدخنين، وقدروا بأن ذلك سيساهم في تقليل نسبة وفيات سرطان الرئة بمقدار %20. وتؤكد التوصيات على ضرورة خضوع كل مدخن يتراوح عمره ما بين الـ55 والـ74 للفحص الطبي، وأيضاً من لديه تاريخ تدخين يصل إلى معدل علبة يومياً لمدة 30 سنة.
تعليقات
إرسال تعليق