برز في الآونة الأخيرة كثير من الأحاديث حول الاختلاط بين الجنسين في الجامعات، وفي عدد القبس الصادر في 24 يناير 1974، نشرت الاقتراح بمشروع قانون الذي تقدم به نواب معارضو الاختلاط في جامعة الكويت، والذي يقضي باستقلال كلية البنات في جامعة الكويت عن غيرها من كليات الجامعة، واستقلالها بجميع مرافقها وأجهزتها التعليمية، وهيئة التدريس والإدارة والمكتبات والنشاط الاجتماعي والرياضي عن سائر كليات جامعة الكويت.
وفيما يلي نص التقرير:
قرر النواب المعارضون للاختلاط في جامعة الكويت الانتقال في معارضتهم إلى مرحلة جديدة، فقام خمسة منهم أمس بتقديم اقتراح بمشروع قانون يقضي باستقلال كلية البنات في جامعة الكويت عن غيرها من كليات الجامعة. وينص القانون المقترح الذي يتكون من مادة واحدة على: «أن تستقل كلية البنات في جميع مرافقها وأجهزتها التعليمية، وهيئة التدريس والإدارة والمكتبات والنشاط الاجتماعي والرياضي عن سائر كليات جامعة الكويت، مع استمرار تبعيتها لإدارة الجامعة في ما عدا ذلك، ويجوز أن تتعدد في كلية البنات فروع التخصص وفقاً لما تقتضيه الدراسة ولمتطلبات دراسة المرأة».
وتقول المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المقدم من النواب، يوسف الرفاعي ومحمد الوسمي وفلاح الحجرف وإبراهيم الميلم وعلي الفضالة، إن الكثيرون يخطئون في فهم مدلول كلمات «كلية» و«الجامعة» و«هيئة علمية» وقد طال استعمال هذه الكلمات استعمالاً خاطئاً في العالم العربي مما أدى إلى التباس كبير في المفاهيم، وقد آن الأوان لاستجلائها والرجوع بهذه الكلمات إلى مفاهيمها الأصلية. وتعرف كلمة «كلية» بأنها مؤسسة علمية عالية مستقلة تضمنها مع مؤسسات مماثلة هيئة أكبر هي «الجامعة» ولو أن الكلمة ذاتها قد تستخدم استخداماً مجازياً في بعض الأحيان لهيئات علمية أقل من قبيل التفخيم.
وتضم الكلية مدارس علمية وأدبية متعددة يشمل كل منها أقساماً متجانسة التخصص. وعلى ذلك فقد تضم الكلية من هذه الكليات مدارس للطب والهندسة والعلوم والآداب والحقوق وغيرها ينطوي تحت كل منها أقسام يجمع في ما بينها وحدة عامة.. وعلى ذلك فإن قصر كلمة «كلية» على مدرسة علمية أو أدبية بذاتها كما هو متعارف في العالم العربي هو خطأ شائع. فلو أخذنا مثلاً جامعة غربية مثل جامعة لندن لوجدنا أنها تضم تحت لوائها أكثر من عشر كليات مثل «كلية بدفورد» للبنات، وكلية «بيرك بك» وكلية «تشلسي» وكلية «جولد سميث» والكلية الإمبراطورية، وكلية الملك، وكلية الملكة ماري، وكلية لندن الجامعية، وكلية «واي»، وكلية لندن للتكنولوجيا المتعددة وغيرها.. وتضم كل من هذه الكليات مدارس للتخصصات العلمية والتكنولوجية والأدبية والفنية المختلفة تتكون كل واحدة منها من أقسام عديدة لها استقلاليتها في إطار المدرسة التي تتبعها وتحت لواء الكلية الخاصة بها وفي إطار الجامعة التي تحتويها. وغالباً ما تخصص هذه الجامعات الغربية كلياتها لدراسات البنات مثل كلية «بدفورد» في جامعة لندن، بينما بقية الكليات تكون أبوابها مفتوحة لقبول طلاب من الجنسين، وذلك رغبة في إتاحة الفرصة لمن لا ترغب في التعليم المختلط في أن تجد مكاناً لها في التعليم العالي، وعادة ما تضم كلية البنات الجامعية مدارس لها أقسام خاصة بالدراسات الملائمة لطبيعة المرأة مثل دراسات التدبير المنزلي بأقسامها المختلفة التي لا تدعو الحاجة إلى إنشائها في الكليات الأخرى. وعلى ذلك فقد يتكرر القسم العلمي أو الأدبي أو التكنولوجي أكثر من مرة في الجامعة الواحدة وهذه هي غاية مقصودة لإتاحة الفرصة للتخصصات الدقيقة في الفرع الواحد أن تظهر وتسود. أما كلمة «هيئة علمية» فالمقصود بها أعضاء هيئة التدريس في تخصص ما، ولذلك فقد كان من الضروري حينما أنشئت في جامعة الكويت كلية جامعية للبنات أن يكون لهذه الكلية استقلالها التام في إطار جامعة الكويت، والمقصود بالاستقلال التام في المبنى والإدارة وأعضاء هيئة التدريس والمكتبات والمختبرات والنشاط الثقافي والاجتماعي والامتحانات وغير ذلك، بمعنى ألا ترتبط هذه الكلية بكلية الأولاد الجامعية في إطار الجامعة إلا في حدود منح الدرجات العلمية والتنسيق في مجال البحث العلمي.
وفي الواقع أن الوضع القلق لكلية البنات الجامعية في جامعة الكويت جعلها في الحقيقة كياناً غير مستقل، وأدى إلى تعقيد كبير للأمور، فليس من المعقول أن يكون لكلية البنات الجامعية كيان مستقل وليست لها هيئة تدريس مستقلة، فجميع الأساتذة يتواجدون في كلية الأولاد، ويذهبون لكلية البنات لأداء محاضراتهم فقط أي إنه إذا احتاجت إحدى الطالبات إلى لقاء أحد الأساتذة كان عليها أن تتوجه إلى الخالدية. هذا إضافة إلى أن المكتبة العامة في الخالدية وأن النشاط الاجتماعي مشترك وأن الجمعيات المنبثقة من مختلف الكليات مشتركة وأن الاتحاد مشترك والدراسات العليا مشتركة والطالبات في السنتين الثالثة والرابعة في كثير من التخصصات يحضرن دروسهن العلمية في كلية الأولاد. وأن هذا الانفصام في شخصية إدارة الجامعة حينما تعلن أن لكلية البنات الجامعية كياناً مستقلاً وهي في الحقيقة لا تتمتع بأي استقلالية كما سبق أن أشرنا، أدى إلى فهم سائد بين طلاب الجامعة وأساتذتها وإداراتها إلى أن وضع كلية البنات الجامعية وضع مؤقت قصد به أن يبقى بهذا الشكل المؤقت تمهيداً لتحقيق الاختلاط، علماً بأن الدولة حكومة وشعباً قد حرصت على إبقاء التعليم العالي في الدولة تعليماً منفصلاً بين الجنسين. وعلى ضوء ذلك فإننا نرى أن هناك ضرورة ملحة لأن تضم جامعة الكويت كليتين مستقلتين استقلالاً تاماً يجمعهما في إطار الجامعة المجلس الأعلى للجامعة وهما كلية البنات الجامعية وكلية الأولاد الجامعية. وقد يبقى اسمهما كما هو أو يطلق عليهما اسمان آخران، وتضم كل من هاتين الكليتين مدارس للعلوم والآداب والتكنولوجيا والفنون تحوي كل منهما أقساماً يربطها تجانس عام ولكل قسم من هذه الأقسام استقلالية كاملة في إطار المدرسة التي ينسب إليها. كما أن لكل مدرسة استقلاليتها التامة في إطار الكلية التي تتبعها ولكل كلية استقلالها التام في مبانيها وإداراتها وأعضاء هيئة التدريس فيها ومكتبتها ومختبراتها ونشاطها الثقافي والاجتماعي وميزانيتها. وترتبط هاتان الكليتان بمجلس أعلى للجامعة تكون مهمته التنسيق بينهما في مجال المقررات والبحث العلمي وكذلك يكون من مهمته منح الدرجات العلمية. علماً بأن هذا الاقتراح يؤدي إلى مضاعفة التكاليف المادية، فأعضاء هيئة التدريس حالياً يضاعفون تقريباً ويمكن تخصيص نصفهم لكلية البنات الجامعية بصفة نهائية. كما أن في الإمكان اقتسام الكتب والدوريات التي تصل عادة بأكثر من عدد وكذلك فإن المختبرات والأجهزة والأدوات مكررة وفي الإمكان اقتسامها بصورة نهائية.
تعليقات
إرسال تعليق