القائمة الرئيسية

الصفحات

استعدادات مبكرة في الكويت لتأمين الدورة البرلمانية القادمة من محاذير التوتر والتعطيل

 

تأمين استقرار السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت وضمان استمرارية عملهما هدف كبير يستحق عناء العمل عليه بشكل مبكر استعدادا للدورة البرلمانية القادمة أملا في أن تكون دورة مستقّرة ومنتجة تستجيب لطموحات السلطة السياسية في إطلاق مسار الإصلاح الذي طال انتظاره وما عاد يحتمل التأجيل.

الكويت - بدأت في الكويت بشكل مبكّر الاستعدادات لعودة برلمانية يؤمّل أن تكون هادئة لتشّكل منطلقا لدور انعقاد جديد تعمل القيادة السياسية للبلاد على توفير الظروف الملائمة له بهدف النأي به عن متوالية إبطال البرلمانات وحل الحكومات التي أثقلت كاهل البلد لسنوات طويلة، ولجعله منتجا للتشريعات والقوانين الضرورية الكفيلة بفتح باب الإصلاحات وخصوصا منها الاقتصادية التي طال انتظارها ولم تعد الظروف المالية الضاغطة والمتغيرات الدولية العاصفة تسمح بتأجيلها.

وفيما أعلن الأحد عن تعيين وزيرين جديدين في حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، قالت مصادر إعلامية كويتية إنّ مشاورات بدأت بالفعل لإعداد خارطة الأولويات المراد التركيز عليها خلال الدورة النيابية الجديدة للبرلمان المنتخب في يونيو الماضي، والمنتظر أن تنطلق في وقت لاحق هذا الخريف.

وشمل التعيين كلا من وزارتي التعليم والمالية اللتين لطالما مثلّتا مدار صراعات حادّة حيث لا تخفى الخلفيات الأيديولوجية لمساعي السيطرة على الأولى وخصوصا من قبل الإسلاميين ذوي الحضور القوي في البرلمانات الكويتية المتعاقبة بما في ذلك البرلمان الحالي، بينما لا تخفى أهمية وزارة المالية لمختلف الشخصيات والتيارات المتصارعة، وهي التي تدير العصب الأكثر حيوية للبلد المعتمد في موازنته على عوائد النفط.

وبينما أسنَد مرسوم أميري صدر الأحد منصب وزير التعليم للأستاذ الجامعي عادل المانع، ذهب منصب وزير المالية لفهد الجارالله الذي تتمثل خبرته الأساسية في إدارة عدد من الشركات العاملة في الحقل المالي أو المشاركة في مجالس إدارتها.

وكانت الدورة البرلمانية السابقة قد انفضّت مطلع شهر أغسطس الماضي بعد إقرار العديد من التشريعات من ضمنها أربعة قوانين شملت تأسيس شركات لإنشاء مدن سكنية والتأمين الصحي على المتقاعدين وتعديلات على قانون إنشاء المحكمة الدستورية وقانونا جديدا للانتخابات التشريعية.

وعُدّ إقرار مختلف تلك التشريعات مؤشّرا إيجابيا على تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية اللذين لطالما مثّلت الخلافات الحادّة بينهما سببا لعدم استقرارهما وللانقطاعات المتكرّرة في عملهما، غير أنّ متابعين للشأن الكويتي لفتوا إلى أن ما تمّ إنجازه خلال الفترة الوجيزة من عمل البرلمان الجديد لم يتحقّق دون مرونة حكومية وتنازلات ووعود للمعارضة المسيطرة على غالبية مقاعد مجلس الأمّة.

وعلى هذا الأساس يتوقّع مراقبون أن تتواصل ضغوط النواب على أعضاء الحكومة الكويتية بمن فيهم وزير المالية الجديد الممسك بملفات شديدة التعقيد سبق أن أطاحت بوزراء مالية سابقين ذوي خبرة في المجالات المالية والاقتصادية.

ويعبّر سياسيون وقادة رأي كويتيون بشكل صريح عن مخاوفهم بشأن سطوة الإسلاميين وما سيبذلونه خلال الدورة البرلمانية القادمة من مساع لفرض تشريعات وقوانين تخدم هدفهم في السيطرة على الدولة والمجتمع وفرض لونهم الأيديولوجي والسياسي عليها.

وقد لاحت بالفعل خلال الدورة البرلمانية السابقة مساعي الإسلاميين لاستخدام البرلمان في تمرير أجندتهم من خلال تقديمهم مقترحات بتشريعات تطال المجتمع وخصوصا المرأة تحت مسمى “وثيقة القيم” التي تتضمن بنودا من قبيل منع الاختلاط في الجامعات والنوادي الرياضية والمهرجانات.

وكشفت مصادر إعلامية كويتية عن مشاورات جارية لاستكمال وضع التصورات التشريعية للدورة البرلمانية الجديدة. وقالت صحيفة “الرأي” المحلية إنّ خارطة أولويات الحكومة ومجلس الأمة لدور الانعقاد المقبل بدأت تتشكّل وفق التنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي ساد دور الانعقاد الماضي.

ورجّحت أن تستأنف اللجنتان التنسيقيتان الحكومية والنيابية اجتماعاتهما قبل بدء دور الانعقاد بغية إيجاد صيغة توافقية قبل الإعلان عن الخارطة النهائية للأولويات وإسقاطها على جدول أعمال الجلسات.

وبحسب ذات المصدر تتضمن الخارطة المزمع الإعلان عنها قبل بدء دور الانعقاد ثلاثة ركائز رئيسية وهي الإصلاح السياسي وتحسين المستوى المعيشي ودعم أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة بالإضافة إلى أصحاب المهن الحرة.

ونقلت عن مصادر نيابية القول إن ملامح الأولويات التشريعية آخذة في التشكل خصوصا أن المشاورات بين الحكومة والمجلس لم تتوقف، وهناك تنسيق خلال العطلة البرلمانية لمتابعة أيّ مستجدات قد تطرأ على الأولويات.

وأشارت إلى أن خارطة الأولويات ستركز على ثلاثة محاور، أولها تحسين المستوى المعيشي الذي بات استحقاقا شعبيا، والإصلاح السياسي الذي تفرضه المستجدات التي طرأت على المشهد السياسي، ودعم أصحاب المهن الحرة من أجل تخفيف العبء عن الباب الأول في الميزانية وهو باب الرواتب.

وغالبا ما يشّكل المحور الاجتماعي بما في ذلك جلب المزيد من المكاسب الاجتماعية للكويتيين الذين يتمتّعون أصلا بامتيازات جيّدة متأتية من منهج الدولة المانحة المتبع في البلد منذ عقود والمستند أساسا لوفرة عائدات النفط، محور اهتمام استثنائي لنواب البرلمان باعتباره مشغلا شعبويا ووسيلة سهلة للتكسب السياسي واستمالة الرأي العام ومغازلة الناخبين.

وأوضحت ذات المصادر أن محور تحسين المستوى المعيشي الذي سيطرح على الدورة البرلمانية القادمة سيشمل تحديد الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين وتعديل رواتب الموظفين.

ولن تخلو إمكانية تحقيق مثل تلك الأهداف من أسئلة نظرا لكونها تعاكس منظور الإصلاح المطلوب والذي من ضمنه تقليص الامتيازات الاجتماعية السخية لمصلحة تشجيع المبادرة والحث على مزيد الجهد والعمل على طريق تنويع مصادر الدخل والحد تدريجيا من التعويل على عوائد النفط.

ولدى الكويت واحدة من أكبر احتياطيات النفط في العالم وميزانية مالية كبيرة لكن المشاحنات السياسية والجمود المؤسسي أعاقا الاستثمار والإصلاحات الرامية إلى تقليل اعتمادها الكبير على عائدات النفط.

ومن بين الإصلاحات الرئيسية التي واجهت عراقيل قانون الدين العام الذي من شأنه أن يسمح للكويت بالاقتراض من الأسواق الدولية، لكنه واجه معارضة من أعضاء البرلمان. وتحتاج الحكومة إلى موافقة البرلمان على الإصلاحات المقترحة.

ومن المتوقع أن يتباطأ النمو في الكويت بشكل كبير هذا العام على خلفية انخفاض أسعار النفط وتخفيضات إنتاجه. وقال صندوق النقد الدولي الشهر الماضي إن المخاطر المتعلقة بالنظرة المستقبلية لاقتصاد الكويت لا تزال كبيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى غياب الإصلاحات المالية الضرورية.

author-img
صحفى يغطى الاخبار والاعلام

تعليقات

التنقل السريع