أعلنت هيئة البيئة في أبوظبي أن سفينة «جيوَن»، التي أطلقتها في يناير الماضي، حققت إنجازاً مهماً بعدما أكملت بنجاح المرحلة الأولى من مسح تقييم الموارد السمكية في مياه دولة الإمارات العربية المتحدة. كما أجرت أول مسح صوتي شامل للموارد السمكية في مياه الدولة.
وأُجريت دراسة رائدة، استمرت لمدة أسبوعين، في الخليج العربي وبحر عُمان، واستخدمت فيها أحدث التقنيات لفحص النظم البيئية تحت الماء، وتقييم أعداد للأحياء البحرية وتوزيعها.
وشمل المسح الصوتي استخدام الموجات الصوتية لتقدير وفرة وتوزيع مجموعات الأسماك في البحر.
ومن خلال تحليل البيانات، ستتمكن الهيئة من تحديد حجم وكثافة وموقع مجموعات الأسماك، ما يساعد في تقييم صحة وحالة المخزون السمكي في المنطقة، ويسهم في تعزيز جهود الهيئة في الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك. انطلقت السفينة، التي يعمل على متنها فريق من الباحثين والعلماء من الهيئة بالتعاون مع عدد من الخبراء الدوليين، في رحلة بحرية استغرقت 108 أيام لإجراء المسح، حيث شملت 324 موقعاً في مياه الدولة، وجمعت بيانات قيّمة.
وتم، في إطار المشروع، تدريب تسعة مواطنين إماراتيين لمدة 3510 ساعات. وخلال الرحلة الاستكشافية، جمع الخبراء 1500 عينة من الأسماك، ما أسهم في تعزيز معرفتهم ورؤيتهم بشأن أنواع الأسماك المنتشرة في المنطقة وموائلها.
كما انتهى فريق البحث، بالتعاون مع شركتي «جي 42» و«أوشن إكس»، من وضع أول خط أساس للحمض النووي البيئي، وتسلسل الجينوم الكامل لأنواع الأسماك في المياه البحرية في الدولة.
ويوفر هذا النهج المبتكر فهماً أعمق للتنوّع الجيني، ما يسمح بتطوير استراتيجيات أكثر فعالية لحماية وإدارة الأنواع في المستقبل.
وقال المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في الهيئة، أحمد الهاشمي: «يعتبر الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مسح تقييم الموارد السمكية بنجاح علامة فارقة في جهود الإمارات المستمرة لحماية بيئتها البحرية، حيث ستسهم البيانات القيّمة التي جمعتها سفينة الأبحاث (جيوَن) من خلال فريقها المتخصص من المواطنين في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإدارة المستدامة لموارد المصايد السمكية في الدولة».
وأضاف الهاشمي: «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إجراء مسح صوتي شامل للموارد السمكية في مياه دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما سيساعدنا في الحصول على صورة أوضح وأكثر دقة للحياة البحرية في الخليج العربي وبحر عُمان».
وتُعد السفينة «جيوَن»، التي بنتها الهيئة بتوجيهات من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس مجلس إدارة الهيئة، الأكثر تقدماً في الشرق الأوسط. ويبلغ طولها 50 متراً، وهي تستخدم تقنيات خضراء للمحافظة على البيئة البحرية والمصايد السمكية، كما تسهم في إجراء أبحاث متخصصة في الخليج العربي، الذي يعتبر أكثر البحار سخونة في العالم وبمثابة مختبر طبيعي لآثار التغير المناخي، وذلك في إطار مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة القائمة على العلم والابتكار.
وتحتوي السفينة على أحدث المعدات العلمية المتطورة التي تشمل: مركبة تعمل عن بُعد، معدات الصيد بشباك الجر، وأجهزة لرسم خرائط قاع البحر وأجهزة الموجات الصوتية، وأجهزة لقياس معايير المياه البحرية ودرجة حرارتها وعمقها، إضافة إلى مرافق للغطس. وتضم أيضاً ستة مختبرات، هي: مختبر المصايد السمكية، ومختبر صوتي، ومختبر التحليل الكيميائي، ومختبر الفيزياء الحيوية، ومختبر العينات، ومختبر جودة الهواء.
وتتميز السفينة بالكفاءة العالية في استهلاك الوقود والأداء الهيدروديناميكي، حيث تستهلك «جيوَن» وقوداً وطاقة أقل من السفن الأخرى ذات الحجم المماثل.
كما تنبعث منها كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما يدعم أهداف دولة الإمارات في معالجة تغير المناخ.
وتخطط الهيئة لتنفيذ مبادرات بحثية عدة في المستقبل، تشمل تقييم الكربون الأزرق في مصايد الأسماك المحيطية؛ وبحوث تغير المناخ، ورسم الخرائط والمسوحات لموائل المياه العميقة (المرجان والأعشاب البحرية)، وإجراء مسوحات الحيوانات الضخمة في المياه العميقة - بما في ذلك الحيتانيات، وأبقار البحر، والسلاحف، وأسماك قرش الحوت، وكذلك مسوحات الأنواع البحرية الغازية (الدخيلة)؛ إضافة إلى مراقبة جودة المياه البحرية، وجودة الهواء، والمواد البلاستيكية، فضلاً عن التراث المغمور في الأعماق، الذي يشمل حطام السفن وأحواض الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.
وإضافة إلى ذلك، ستدعم سفينة «جيوَن» هدف دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الحياد المناخي بحلول عام 2050 من خلال إجراء أبحاث حول الكربون الأزرق المحيطي، وهي مبادرة مهمة عالمياً.
ويشمل الكربون الأزرق المحيطي الكربون المخزّن في أنواع الحياة البحرية المختلفة؛ من القشريات إلى الأسماك والسلاحف والثدييات البحرية، وهو ما يسهم في تعزيز المعرفة بشأن مساهمة الفقاريات البحرية في تخزين الكربون، والتعرف إلى دورها المحتمل في التخفيف من آثار تغير المناخ.
تعليقات
إرسال تعليق