القائمة الرئيسية

الصفحات

قطر تدخل مسار إنتاج حل لبناني: تسوية مشروطة بالإصلاحات


لبنان أمام محطة قطرية جديدة هذا الأسبوع. يفترض أن ترتسم في المحطة ملامح جديدة للمرحلة المقبلة، وسط المساعي القائمة في سبيل الوصول إلى تسوية سياسية تنقذ الواقع اللبناني.

ما يحتاجه لبنان وفق العارفين هو أبعد من مجرد تسوية رئاسية عادية، تنتج رئيساً للجمهورية وحكومة جديدة من دون الولوج جدياً في مراحل الإنقاذ الشامل في مختلف القطاعات. وهذا بحد ذاته يحتاج إلى تواصل جدّي مع غالبية الأفرقاء، للذهاب إلى عمق المشكلة لا إلى ظواهرها. من هنا تبرز وجهتا نظر، الأولى تتناول المساعي الفرنسية لإنتاج تسوية على الطريقة القديمة، وتحديداً على قاعدة التسوية التي أنتجت في العام 2016، وبالتالي، تكرار المسارات ذاتها والسيناريوهات نفسها، ما سيقود إلى نتائج مماثلة. أما الثانية، فتتعلق بما هو أعمق من هذه السطحية، والإقرار الفعلي بحاجة لبنان إلى تسوية شاملة. وهنا يُنظر إلى قطر بأنها الطرف الأكثر قدرة على تحقيقها، انطلاقاً من دورها السابق في اتفاق الدوحة، وارتكازاً على علاقتها القوية مع غالبية القوى في الداخل والخارج.

إلى جوهر المشكلة

ينتظر اللبنانيون ما يحمله الوفد القطري، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي، والذي سيجول على غالبية المسؤولين اللبنانيين. الخليفي هو الذي مثّل دولة قطر في الاجتماع الخماسي في باريس في 6 شباط الفائت، وجرى خلاله تناول الملف اللبناني. كما أن الرجل يتابع ملفات متعددة في المنطقة، أبرزها الملف الليبي وملفات شمال أفريقيا ناقشها سابقاً مع المسؤولين الفرنسيين. يأتي التحركّ القطري في ظل اصطدام المساعي الفرنسية بعثرات عديدة وعقبات كثيرة، بعضها داخلي وبعضها خارجي. ففي الداخل، تعرّض الموقف الفرنسي إلى انتقادات كثيرة حول "التغيير" عن ما اتفق عليه في اجتماع باريس الخماسي، وتبني نظرية المقايضة. أما في الخارج فمن الواضح الاختلاف الفرنسي السعودي حول مقاربة الملف اللبناني.

في ظل هذا الاصطدام، ثمة رهان على الدور القطري في هذا المجال، لا سيما أن الدوحة كانت قد لعبت أدواراً أساسية في لبنان في المرحلة السابقة، وتحديداً خلال حرب تموز في العام 2006، وذلك للوصول إلى اتفاق وقف اطلاق النار. وفيما بعد، بمرحلة إعادة الإعمار. كما أن الدور استمر طوال الفترة الفاصلة بين حرب تموز واعتصام قوى 8 آذار في وسط بيروت وصولاً إلى أحداث السابع من أيار واتفاق الدوحة، والذي نجحت قطر في خلاله بالوصول إلى تسوية لبنانية قامت على مرتكزات متعددة في حينها، وقاربت جوهر الأزمة.

أوراق عديدة

إنطلاقاً من هذه التجربة، يتركز الرهان اللبناني على الدور القطري حالياً، خصوصاً في ظل التنسيق الكامل مع السعودية، بالإضافة إلى الانسجام والعلاقات المتقاربة بين الطرفين. كما أن للدوحة تواصل مع فرنسا، وإيران والولايات المتحدة الأميركية، التي صنفتها بالحليف الإستراتيجي الوحيد من خارج حلف الناتو. تمتلك قطر أوراقاً متعددة تخولها لعب دور أساسي ومركزي يمكن أن يحدث تقدماً على صعيد الملف اللبناني، لا سيما إنطلاقاً من دورها التفاوضي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

داخلياً، فإن قطر قادرة على التواصل مع غالبية القوى. ففي ظل اعتبار طرف لبناني أن المبادرة الفرنسية مرفوضة وقد فشلت مراراً بسبب عدم مراعاة الجميع، وفي ظل انعدام التواصل بين المملكة العربية السعودية وأطراف متعددة على الساحة اللبنانية أبرزها حزب الله، فإن الدوحة قادرة على التواصل مع الجميع في سبيل نسج خيوط وخطوط عامة لملامح تسوية، حتماً ستكون بحاجة إلى وقت كي تتبلور.

بانتظار الإصلاحات

يبرز الحضور القطري على الساحة اللبنانية إنطلاقاً من قطاعات مختلفة، أولها الشراكة في عملية التنقيب عن النفط والغاز، والارتكاز اللبناني على الدور القطري في عملية الاستخراج والتصدير لاحقاً. كذلك كان قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي فتحت أسواقها ومعابرها أمام المنتجات اللبنانية، وأميرها كان قد أنقذ لبنان وقمته الاقتصادية في العام 2019 من خلال مشاركته فيها. فيما الدور الأبرز مؤخراً يتعلق أيضاً بحجم الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي.

حسب ما يقول متابعون، فإن لقطر أيضاً جملة مشاريع جاهزة لمساعدة لبنان، ولكن إطلاقها لا يمكن أن يبدأ من دون الوصول إلى اتفاق مع الجهات الدولية. وهو ما يفترض به أن يقوم على مرتكزات الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي.


author-img
صحفى يغطى الاخبار والاعلام

تعليقات

التنقل السريع