ويغيب عن قانون المالية لسنة 2023 أي توجّه اقتصادي دافع للاستثمار إذ جاء بوصفه قانون “مجبى” يحاول تعبئة المزيد من الموارد الجبائية، بقطع النظر عن أثرها الاقتصادي المدمّر.

في هذا السياق، تكفي الإشارة إلى الضريبة الجديدة المسلّطة على تصدير المنتجات المنجمية مثل تصدير الرمل الذي ضُربت عليه أتاوة تصل إلى ضعفين ونصف ثمن قيمته في السوق، أو تصدير الرخام الذي ضُربت عليه أتاوة تصل إلى ضعف ثمنه. وقد كانت ردّة فعل المستثمرين في هذه المجالات الغلق الفوري لمصانعهم ما رفع نسبة البطالة وتأزّم الوضع الاجتماعي.

وتراجع تقديرات ميزانية دعم أسعار المنتجات الأساسية والمحروقات إلى أكثر من النصف بين سنتَي2021 و2023، حيث كانت تناهز 6 آلاف مليون دينار في سنة 2021 وقُدّرت بما يقارب 2.5 ألف مليون دينار في سنة 2023. كما أنّ ميزانية الدعم قفزت عمليًّا من 3 آلاف مليون دينار إلى 8 آلاف مليون دينار، على الرغم من لجوء الحكومة إلى تعديل أسعار المحروقات بالزيادة فيها خمس مرات متتالية في سنة 2022.

فشل اللجوء إلى التداين الخارجي

ليس أمام الحكومة إلا تفعيل اللجوء إلى التداين الخارجي للخروج من مأزق سنة 2023، والتي تتسّم بتزاحم مواعيد استرجاع أصول بعض الديون الخارجية التي جرت الاستفادة منها سابقًا، من دون الحديث عن الفوائض. فإذا كان متاحًا أمام الحكومة المزيد من تفعيل سياسة سندات الخزينة والتي سجّلت زيادة قدرها 3800 مليون دينار مقارنة بسنة 2021، فإنّ هذا التفعيل سيكون له آثار مدمرة في الاقتصاد الوطني ذلك أنّ الدولة ستستأثر بالسيولة المالية الموجودة من أجل خلاص الرواتب على حساب تمويل الاستثمار، وستساهم أيضًا في زيادة نسب التضخم، والتي ستبلغ أوّل مرّة منذ عقود 11 في المئة سنة 2023، كما توقع البنك المركزي التونسي في بيانه الذي أصدره للعموم بتاريخ 31 ديسمبر 2023.