القائمة الرئيسية

الصفحات

 

نعت السعودية اليوم سفيرها الأسبق لدى ألمانيا الذي كان وزيراً للصحة قبل نحو عقدين الدكتور أسامة شبكشي، عن عمر ناهز 80 سنة عانى في عقدها الأخير أمراضاً صحية أقعدته على كرسي متحرك قبل أن تعلن عائلته رحيله اليوم.

وولد شبكشي في عام 1943 في حارة المظلوم بمدينة جدة في يوم جمعة الذي صادف اليوم ذاته الذي توفي فيه.

الغربة صغيراً وكبيراً

وكان الراحل تلقى تعليمه قبل سن السادسة في مدرسة الفلاح، وهي واحدة من أقدم المدارس النظامية في السعودية التي أسسها تاجر الؤلؤ السعودي الحاج محمد علي رضا في ديسمبر (كانون الأول) 1905 في جدة، قبل أن تقضي الأقدار برحيله وهو في السادسة من عمره إلى السودان مع ابن عمه هشام صالح شبكشي. وينتقل بعدها في عام 1953 إلى لبنان. وفي سن المراهقة حين كان بالمرحلة الثانوية عاد إلى الدراسة في السعودية.

 

 

وقبل أن يصبح شبكشي ملء السمع والبصر في بلاده، عانى في حياته الفقد والوحدة حين اختار والداه الإقامة في مصر وتركه وحيداً، بسبب فصل والده من وظيفته. يقول شبكشي في حديث سابق لجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، "بقيت في جدة وحيداً أذهب في نهاية كل شهر ولمدة ثلاثة أيام إلى وزارة المالية لتسلم مرتب والدي التقاعدي 1270 ريالاً (ما يعادل 338 دولار أميركي). ومن ثم أبعث به إليه. هذه الظروف أثرت سلباً في تحصيلي الدراسي".   

باع والده ساعته لأجله

وبعد تخرجه من الثانوية العامة بمعدل متدن، وظروف قاسية لم تكن أفضل حالاً من معدله. كان رهان والده على ساعة لم يكن يمتلك غيرها، حين عاد لتفقده في السعودية. وهي الساعة التي باعها بثلاثة آلاف ريال (799 دولاراً أميركياً) التي مهدت الطريق نحو "السفارة والوزارة". يقول شبكشي "أعطاني والدي المبلغ وقال: دبر حالك. وقتها أقسمت أن أسافر إلى ألمانيا وأعود بالشهادة وإن لم أحقق هذا الهدف تكون رجعتي جثة داخل صندوق خشبي يعاد شحنها لموطنها".

وبعد الوصول إلى ألمانيا ولأنه كان لا يحمل حلمه وحسب بل حلم والديه اللذين عانيا في حياتهما كثيراً، قرر أن يعيد دراسة المرحلة الثانوية من أجل الحصول على معدل مرتفع يدخله كلية الطب. وهو ما حدث بعد ذلك. حين حصل على شهادة البكالورويوس في مجال الطب من جامعة "ايرلنغن" الألمانية في عام 1970.

وفي تلك المرحلة تجرع الغربة مرة أخرى، وعمل شبكشي "سائق جرار وبائع أيس كريم" ومرت به أيام كان يلتقط ما تساقط على الأرض ليأكل. وفي النهاية كانت محصلة غربة 13 عاماً شهادتا الدكتوراه في الطب سنة 1974 والفلسفة في سنة 1976.

وبعد عودته من ألمانيا شغل الراحل مناصب عدة، منها عميد كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، قبل أن يصبح مديراً للجامعة في عام 1993.

 


 


وتقلد شبكشي، منصب وزير الصحة في بلاده في الفترة منذ عام 1995 وحتى عام 2003، ثم عين مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين، وفي أغسطس (آب) 2004، عين سفيراً لخادم الحرمين لدى ألمانيا واستمر في المنصب حتى عام 2015.

الراحل الذي قال إن "أسعد أيام حياتي وأسوأها هما يوم ولادة ابني الوحيد ويوم وفاته بحادثة سير"، لخص قبل نحو 8 أعوام مراحل حياته في كتاب عنونه بـ"مواقف وأشهاد" وهو مقسم على ثلاثة أجزاء رئيسة تفرعت تحتها 18 فصلاً بمجموع 569 صفحة تضمنت حياته في الإدارة والتعليم والصحة والدبلوماسية.

ونعت صحف البلاد ومسؤولوها رجل الدولة والسياسة أسامة شبكشي، ومن بينهم وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الذي قدم تعازيه نيابة عن منسوبي الوزارة. وكتب حمد القاضي وهو عضو سابق في مجلس الشورى السعودي "عرفته فاضلاً بصدقه ونقاء قلبه ومسؤولاً أميناً". ويستذكر الطبيب السعودي محمد الأحيدب الذي عمل في حقبته تلك الأيام، وكتب "على رغم أن فترته صادفت ركوداً اقتصادياً عالمياً فرض قلة في المخصصات إلا أنه قاد الوزارة إلى بر الأمان، فكان قوياً في الحق قادراً بالأمانة مخلصاً للوطن، كان المريض في عهده أولاً".

author-img
صحفى يغطى الاخبار والاعلام

تعليقات

التنقل السريع