انعقد في الدوحة يومي 21 و 22 فبراير الماضي مؤتمر متميز ولعله الأول من نوعه في العالم حول محور (العلاقات التفاعلية بين التغيرات المناخية ومجال حقوق الإنسان) بمشاركة رجال دولة ودبلوماسيين وخبراء عالميين في شؤون المناخ والبيئة ومبعوثين من منظمات الأمم المتحدة ونظمته اللجنة القطرية لحقوق الإنسان بالتزامن مع تنظيم قطر لمؤتمرين آخرين الأول لإعانة الدول الأقل نموا والثاني لتدشين بيت الأمم المتحدة بحضور السيد (غوتيرتش) الأمين العام للمنظمة لتعزيز مكانة ما سماه الأمين العام (قطر دولة أممية) ولا بد أن نذكر بأن دولة قطر كانت دائما سباقة الى عقد مثل هذه المؤتمرات حول مواضيع يهملها عادة الرأي العام الدولي وأنا شاهد على مثل هذه المؤتمرات الدولية منذ أن تولى السلطة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد، وواصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تلك المسيرة بنجاح، وأذكر على سبيل الأمثلة الحية اجتماع قادة الرأي والمفكرين من القارات الخمس للتحاور الحر حول تلاقي الأديان السماوية في تبني القيم الإنسانية وما تبع تلك المؤتمرات من إنشاء مركز الدوحة لحوار الأديان ثم مؤتمرات الديمقراطية وبعدها توضيح عالمي لمفهوم الإرهاب حتى لا يتمكن أعداء الحريات من الخلط بين الحركات التحريرية الشرعية وبين الإرهاب!.
كل هذه المؤتمرات سبقت مؤتمر التغييرات البيئية الخطيرة وحقوق الإنسان الذي نتحدث عنه اليوم ولعل بيانه الختامي الذي توج أشغاله ولجانه العديدة يوضح مدى القرارات العملية الملزمة لمختلف الفاعلين الدوليين وأهميتها في المستقبل حيث دعا المؤتمر الدولي حول التغيرات المناخية وحقوق الإنسان خلال توصياته العامة الدول وأصحاب المصلحة إلى العمل معا من أجل التأكد من أن قانون حقوق الإنسان ومبادئه ومعاييره هي حجر الزاوية في جهود الحكومات المتعلقة بالتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه للحد من الخسائر والأضرار كما شددت التوصيات العامة للمؤتمر على دمج حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في الحصول على بيئة نظيفة وصحية ومستدامة في نتائج مفاوضات المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وكذلك إدارة المناخ الإقليمية والوطنية والمحلية وأدوات السياسة الرئيسية مثل المساهمات المحددة وطنيا وخطط التكيف الوطنية.
وفي هذا الباب قال سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان «إن المؤتمر الدولي هدف إلى تسليط الضوء على أهمية العمل المناخي القائم على الحقوق وتحديد الممارسات الواعدة لدولة قطر والجهات الفاعلة والشركاء الآخرين بما في ذلك الحكومات والأمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والشركات كاشفا عن وضع توصيات لتعزيز التعاون لدعم العمل المناخي القائم على الحقوق في جميع أنحاء العالم وخاصة في سياق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأشار إلى أن التوصيات العامة للمؤتمر دعت إلى تعزيز العدالة البيئية بشكل خاص للأشخاص والمجموعات المتضررة بشكل غير متناسب بما في ذلك تعزيز النظم والأطر القضائية والقانونية والوصول إلى العدالة التي تركز على الإنسان ودعم أصحاب الحقوق والمكلفين بالواجبات لدعم الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، ونوه بأن التوصيات العامة طالبت بزيادة الطموحات الممثلة بالتخفيف السريع من التلوث من خلال تقليل الانبعاثات من أجل الحد من تغير المناخ إلى أقصى حد ممكن لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، ولفت إلى أن التوصيات جددت التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الدولي المسترشد بمبادئ الإنصاف والمسؤوليات المشتركة والمتباينة والقدرات ذات الصلة لتعبئة الموارد ودعم نقل التكنولوجيا وبناء القدرات من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ القائمة على الحقوق والتكيف والتدابير لمعالجة الخسائر والأضرار.
وقال الجمالي خلال الجلسة الختامية إن التوصيات العامة شددت على: دعم تحسين الوصول إلى التمويل المتعلق بالمناخ للأشخاص والجماعات والشعوب التي تعيش في أوضاع هشة إضافة إلى وضع أطر مساءلة قوية عن تأثيرات تغير المناخ على حقوق الإنسان بحيث تحترم الشركات حقوق الإنسان والأشخاص المتأثرين بتغير المناخ يمكنهم الوصول إلى سبل جبر فعالة للأضرار التي يتعرضون لها.
وأوضح أن التوصيات العامة أفادت بضرورة دمج حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في العمل المناخي والاسترشاد بأفضل العلوم المتاحة بما في ذلك نتائج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والعمل مع المؤثرين وقادة الفكر ووسائل الإعلام لزيادة الوعي بتغير المناخ وتأثيراته على حقوق الإنسان، كما نوه السيد سلطان بن حسن الجمالي بأن التوصيات العامة أوصت بضمان تنفيذ جميع الإجراءات المناخية التي لها تأثير على حقوق الشعوب الأصلية بموافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة وضمان التعليم مع احترام الطبيعة للجميع، وتطوير مناهج للعمل المناخي القائم على الحقوق وتمكين الناس بمن فيهم الأطفال والشباب بوصفهم عوامل تهيئة مستقبل أفضل للعالم.
وشددت على رصد آثار تغير المناخ على حقوق الإنسان والإجراءات المتخذة للتصدي لتغير المناخ وإتاحة النتائج للجمهور، وجمع البيانات المصنفة وتعزيز مشاركة المجموعات التي يمكن أن تكون معرضة بشكل خاص لخطر تغير المناخ بما في ذلك النساء والفتيات وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة والشعوب الأصلية. كما جددت التوصيات التأكيد على أهمية دعم حماية المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية الذين يواجهون الإساءة والتهديدات والمضايقات بسبب عملهم في مواجهة تغير المناخ إضافة لدعم مراعاة حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة في الميزانيات الوطنية.
وفيما يتعلق بالتوصيات المقدمة لقطاع الأعمال طالبت بدعم الانتقال السريع والعادل إلى الاقتصاد الأخضر الذي يدعم سبل العيش المستدامة ويحترم حقوق الإنسان وإنشاء ودعم آليات لضمان الوصول إلى علاج فعال للمتضررين من تغير المناخ مشددة على ضرورة الامتناع عن ممارسة نفوذها لتأخير العمل المناخي والتعتيم على مخاطر التقاعس أو التهرب من المسؤولية عن مساهماتها في تغير المناخ.
كانت هذه أكبر المكاسب الدولية التي حققها المؤتمر بريادة قطرية توجه لها الجميع بالشكر والتقدير لأنها كرست خاصة حق كل إنسان في بيئة نظيفة تصونها قوانين صارمة وتحميها حكومات ملتزمة بها.
ونلفت الى أن لجنة متابعة دولية تقرر إنشاؤها في الدوحة حرصا على جدية القرارات وحرص قطر على تطبيق كل ما اتفق عليه الجميع. ولم تبالغ قناة فرانس 24 التي أكدت يوم 23 فبراير أن مؤتمر الدوحة شكل المتمم والمكمل لمؤتمر باريس العالمي حول اتفاق كل الدول على حماية البيئة والحفاظ على المناخ..
تعليقات
إرسال تعليق