القائمة الرئيسية

الصفحات

 


نتقدّم إلى أبناء الكويت بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة العيد الوطني وعيد التحرير، سائلين المولى العلي القدير أن يحفظ الكويت من كل مكروه ويبقيها دار أمن ومحبة وسلام.


وها نحن نحتفل في هذه المناسبتين العزيزتين على قلوب جميع الكويتيين، الأولى مناسبة العيد الوطني والثانية مناسبة عيد التحرير من الغزاة، وهو عيد التحرر من القيد والذل والظلم إلى سعة الحرية والأمن والعدل.

ففي هذه الأيام نتذكّر النعم الكثيرة التي مَنَّ المولى عز وجل علينا في الوطن ومنحنا من خيراته ما يعجز عن وصفه اللسان، وأنعم علينا في ظله بنعمة الأمن والأمان.


(وإن تعدوا نعمة الله لا تُحصوها)


ونستذكر في هذه الأيام الكابوس الذي أصاب الكويت وشعبها في 2/‏‏ 8/‏‏ 1990، فبين ليلة وضُحاها، انقلب الحال من سلم إلى حرب، ومن استقرار إلى تشتت في أرض الله الواسعة، ومن حال الأمن والأمان إلى حال الخوف والذعر... مصابنا كان كبيراً، عانينا فيه لمدة 7 شهور متتالية الكثير من الأحداث والقصص المؤلمة، فلقد كانت طعنة بالظهر من جار مُسلم، يصعب علينا نسيانها، والجميل بأن الغزاة لم يتمكنوا أبداً بأن يضعفوا جبهتنا الداخلية، بل العكس زاد تماسك وتكاتف وتلاحم شعبنا فكانوا أسرة واحدة يساعد ويساند فيها بعضهم البعض، متعاونين ومتعاضدين ومساهمين جميعاً في حفظ دعائم استقرار وطننا العزيز، شاكرين هذا الرغد الذي نعيشه وهذه الخيرات التي أنعمها المولى عز وجل علينا، ولله الحمد أن الكويتيين أوفياء للوطن قولاً وفعلاً.


فالشعب الكويتي سطّر أروع ملحمة من التضامن والتعاون والوحدة الوطنية، في تلك الظروف الصعبة، ورصوا صفوفهم ضد الغازي المحتل كسد منيع ضد كل من يحاول بث الفتنة بيننا، حتى انتصر الحق، وعادت الكويت حرّة أبيّة في 1991/2/26.


(مَوَاقِف لَا تُنْسِى)


1 - الشيخ/جابر الأحمد، رحمه الله.


«جئت إليكم حاملاً رسالة شعب أحبّ السلام وعمل من أجله».


... بهذه الكلمات خاطب المجتمع الدولي من على منصة الأمم المتحدة في 27 سبتمبر 1990، عبر كلمة مؤثرة وقف لها ممثلو العالم احتراماً وصفقت لها أكفهم طويلاً في موقف قل أن شهدت المنظمة الدولية له نظيراً.


2 - الشيخ/ سعد العبدالله الصباح، رحمه الله.


نذر حياته للكويت، فكانت حياته مسيرة عمل دؤوب وكفاح من أجل الوطن، سطّر خلالها الكثير من الإنجازات في شتى الميادين... خصوصاً إقدامه وعزمه وحزمه في مواجهة الغزو الغاشم، وجهوده الكبيرة في مسيرة إعادة البناء.


3 - الشيخ / صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله.


قام بدور رئيسي لحشد التأييد الديبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية.


4 - السفير / محمد أبو الحسن.


المندوب الدائم لدولة الكويت في الأمم المتحدة آنذاك، والدور الكبير الذي قام به في أروقة وزوايا مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان حريصاً على أن تصدر قرارات ملزمة من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من الميثاق الذي يستوجب التنفيذ الفوري لهذه القرارات، وهذا الفصل يحمل جميع دول العالم سواء كانوا أعضاء بالمجلس أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أن ينفذوا هذا القرار، لعودة الشرعية الكويتية إلى قيادة البلاد، والتعويض عن جميع الخسائر التي تكبدتها الكويت وشعبها، وأن يطلق سراح جميع الأسرى والمرتهنين، وترسيم الحدود بشكل نهائي وبضمانة من مجلس الأمن.


5 - الشيخ / سعود الناصر الصباح، رحمه الله.


عندما خاطبه الرئيس الأميركي جورج بوش، الأب، في مجلس الأمن:


Ambassador Al-Sabah، tonight، Kuwait is free


«سعادة السفير، الصباح، الليلة، الكويت حرة».


رحم الله من توفاهم، عملوا بتفانٍ وإخلاص وعمل دؤوب حتى تحرّرت الكويت.


نستذكر بكل مشاعر الفخر والاعتزاز التضحيات الجليلة والبطولات الكبيرة التي قدّمها حماة الوطن من عسكريين ومدنيين الصامدين في الكويت الذين فضّلوا البقاء على أرضهم ومواجهة الغزاة عبر العصيان المدني ومشاركتهم بمقاومة الغزاة والقيام بجميع الأعمال الشاغرة بسبب مغادرة الإخوة الوافدين إلى ديارهم خوفاً من الاضطهاد ونقص الغذاء وتلاشي الأمان، منها (إدارة المستشفيات، الجمعيات التعاونية، المخابز، البلدية، ونقل ودفن الجثامين، وأعمال أخرى عدة...).


الشعب الكويتي سطّر ملحمة وطنية تجاه الغزو العراقي، والتضحيات التي قدّمها أبناء الكويت في محنة الغزو العراقي الغاشم كانت مثالاً رائعاً على وحدة الشعب الذي رفض الاحتلال وانصهر في بوتقة الوطن، وتآلفت تكويناته وكانت يداً واحدة في صد العدوان، الذي أراد طمس تاريخ شعب وابتلاع جغرافيا وطن.


وسطّروا كذلك أبهى صور الشجاعة والفداء دفاعاً عن وطنهم وحفاظاً على سيادته، الذين قدّموا دماءهم وأرواحهم فداء للوطن بكل كرامة وشموخ، لقد سطّروا أروع الأمثلة على حب الوطن والتضحية في سبيله حتى أصبحت عالقة في أذهان كل الكويتيين. فتلك التضحيات بذلت من أجل أن تبقى الكويت حرّة عزيزة شامخة، وهذا هو ديدن المخلصين، التضحية من أجل أوطانهم، سائلين الله عز وجل، بأن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وينزلهم منازل الشهداء.


(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)


لقد حُبّب إلى النفوس حب الأوطان فهي مرتع الصبا وأرض النشأة ومهد التاريخ ويبقى الوطن دليل الوفاء، وبالوفاء يُعرف المحبون بعيداً عن المدعين، فلكل إنسان وطن يهواه وأرض يحنُّ إليها ويفتقدها ويفتديها بالغالي والنفيس.


ولي وطنٌ آليتُ ألّا أبيعَهُ


وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا


عهْدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمة


كنعمةِ قومٍ أصبحوا في ظِلالكا


فقد ألفَتْهُ النفسُ حتَّى كأنه


لها جسدٌ إن بانَ غودِرْتُ هالكا


وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ


مآربُ قضاها الشبابُ هنالكا


إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهمُ


عُهود الصبا فيها فحنّوا لذلكا


فلنحافظ على الكويت التي نشأنا وترعرعنا فيها، أكلنا من خيرها ونحن في أمن وأمان واطمئنان واستقرار، نسأل الله عز وجل أن يديم هذه النعمة وهذا الفضل علينا، وللكويت صنائع الخير والمعروف في شتى بقاع العالم تقيها من السوء بإذن الله.


ورحم الله والدتي العزيزة، فعندما اجتمع الأشقاء في الأسرة خلال الغزو، وتوافقنا بأن ينتقل النساء مع الأطفال إلى خارج البلاد خوفاً على حياتهم، وعندما طلبنا منهم ذلك، رفضوا جميعاً، وكان القرار البقاء في الوطن، ثم قالت والدتي «لن نترك الكويت في هذه الظروف بل سنبقى معاً نموت أو نحيا».


وهذا ديدن كل نساء وبنات الكويت الحبيبة، وبمواقفهن استمددنا قوتنا ولم يرهبنا الغزاة ولم نركع أو نستسلم.


والأهم أن نستخلص الدروس والعِبر، فكل الكويتيين أرخصوا الدماء من أجل تحرير الوطن من براثن الغزو الغاشم، ولذلك ندعو بأن تطوى صفحة الخلافات بجميع أشكالها بين أبناء الشعب الواحد، ليكون دافعاً للتوحد والالتفاف صفاً واحداً تحت راية الوطن، وتجاوز جميع الخلافات والاختلافات بين الأفراد في المجتمع، وأن نجسد صورة جديدة للتآلف الاجتماعي والتلاحم الشعبي، وأن يتم توجيه الجهد نحو التنمية وتنفيذ المشاريع التي ترتقي بالوطن والمواطنين.


اللهمّ احفظ الكويت آمنةً مطمئنةً، والحمد لله رب العالمين.


تعليقات

التنقل السريع