تشهد الجزائر الليلة حدثاً كروياً قارياً كبيراً بمناسبة نهائي كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين الذي يجمع بين المنتخبين الجزائري والسنغالي، في نهائي مكرر للمنتخبات الأولى الذي جرى في القاهرة عام 2019، وفي أجواء جماهيرية وظروف تنظيمية استثنائية، أشاد بها رئيس الاتحاد الدولي، جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الأفريقي، باتريس موتسيبي، وكل أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف والمنتخبات المشاركة في بطولة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
قبل أن تبعث فيها الجزائر الروح، وتجعل منها بطولة محترمة فنياً وجماهيرياً، بلغ فيها المنتخب الجزائري النهائي دون خسارة، بأفضل خط هجوم، دون أن تتلقى شباكه أي هدف، مما يرشحه للتتويج باللقب الأول من نوعه في مشاركتين فقط من أصل 7 بطولات تم تنظيمها حتى الآن، يعتقد الكثير من المتتبعين أن الجزائر فازت بها قبل أن تتوج باللقب.
البطولة المخصصة للاعبين الذين يلعبون في الدوريات الأفريقية المحلية شهدت مشاركة 17 منتخباً لأول مرة، بعد غياب حامل اللقب المنتخب المغربي الذي سيتعرض لعقوبة الإقصاء من المشاركة في الدورتين القادمتين طبقاً للوائح الاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
وعرض هذا الأمر المغرب لخسارة حظوظه في تنظيم كأس أمم أفريقيا 2025، التي ترشح لاحتضانها رفقة الجزائر وزامبيا ونيجيريا وبينين، خصوصاً بعد أن اكتشف الأفارقة حجم الحفاوة التي استقبلوا بها في الجزائر، ونوعية التنظيم المتميز وشغف الحضور الجماهيري القياسي، إضافة إلى المرافق الرياضية النوعية والبنية التحتية المتطورة التي تزخر بها الجزائر، خصوصاً مع تدشين ملاعب براقي، وهران، تيزي وزو، وإعادة تهيئة ملعبي قسنطينة وعنابة، في انتظار تدشين ملعب الدويرة وإعادة ترميم ملعب خمسة جويلية الأولمبي الذي يتسع لثمانين ألف متفرج.
من جهته المنتخب الجزائري للاعبين المحليين بلغ المباراة النهائية بخمسة انتصارات في خمس مباريات سجل فيها تسعة أهداف دون أن تتلقى شباكه هدفاً واحداً، وهو مشوار استثنائي في تاريخ البطولة، بقيادة المدرب الجزائري مجيد بوقرة الذي أشرف على 30 مباراة مع المنتخب المحلي، حقق فيها 21 انتصاراً، و7 تعادلات وخسارتين، سجل فيها 57 هدفاً.
وحقق أثقل نتيجة في تاريخ البطولة في دور خروج المغلوب عندما فاز على النيجر بخماسية نظيفة، وهي كلها معطيات وأرقام تؤهل المنتخب الجزائري للفوز بالنهائي على المنتخب السنغالي الذي كان مشواره في البطولة محترماً، يؤكد صحوة الكرة السنغالية حاملة اللقب القاري الأخير في الكاميرون والمشاركة في مونديال قطر، والتي ارتقت إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في تاريخ الكرة الأفريقية.
الحضور الجماهيري في كل مباريات البطولة وليس فقط في مباريات المنتخب الجزائري شكّل بدوره ظاهرة لم يسبق لها مثيل، إذ فاق معدل الحضور الجماهير 30 ألف متفرج، وهو الرقم الذي لم تصل إليه سابقاً كل المنافسات التي نظمتها الكاف عبر التاريخ بما في ذلك نهائيات كأس أمم أفريقيا للاعبين المحترفين، في أجواء وظروف مثالية حفزت المشاركين على تقديم مستويات لائقة.
وهو الأمر الذي حفز أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف على إعادة النظر في حساباتهم عند اختيار البلد المنظم لنهائيات كأس أمم أفريقيا 2025، بدلاً من غينيا التي اعتذرت عن التنظيم بسبب عدم جاهزيتها، مما يخلط أوراق التوقعات السابقة التي كانت تتحدث عن فوز المغرب، والذي يبقى وارداً في نظر البعض لاعتبارات لا علاقة لها بالاستحقاق.
مهما كانت نتيجة النهائي الليلة فإن الجزائر حوّلت الشان من بطولة مغمورة إلى حدث تفتخر به القارة السمراء وفازت بتقدير واحترام الجميع رغم تقصيرها في التسويق لقدراتها على مدى سنوات لتعود إلى الواجهة من خلال كأس الشان، وقبلها ألعاب البحر الأبيض المتوسط وكأس العرب أقل من 17 سنة، في انتظار احتضانها كاس أمم أفريقيا للناشئين نهاية شهر أبريل/ نيسان المقبل، ومواعيد رياضية أخرى في مختلف الرياضات.
تعليقات
إرسال تعليق