يصادف الأول من نوفمبر الذكرى الثانية لرحيل آمر القوات الخاصة الصاعقة الفريق ونيس بوخمادة بعد أن ألمّ به مرض لم يُمهله كثيراً، تاركاً ذكرى أليمة مشبعة بالحزن أبكت الآلاف على فراق رجل طالما أحبوه ووثقوا به وساروا خلفه، وهو أبى إلّا أن يموت بعزة وهو واقف على رجليه.
وُلد بوخمادة ابن قبيلة المغاربة أو ابن ليبيا كما كان يحب أن ينادى عليه، عام 1960 بمدينة مرزق إحدى واحات الجنوب، حيث أخذ منها كل خصال النخوة والشهامة والشجاعة التي تُميز أبناء الصحراء.
قاد “الفهد الأسمر” جهوداً كبيرة في توحيد كتائب القوات الخاصة (الصاعقة)، تحت راية الجيش الليبي عقب إطلاق ثورة الكرامة عام 2014 ضد الإرهابيين في مدن درنة وبنغازي واجدابيا، وخاض رفقة ضباط وجنود قواته الخاصة اشتباكات قوية مع المجموعات الإرهابية، من بينها أنصار الشريعة والدروع وعناصر تنظيم داعش التي شنت عمليات مسلحة واغتيالات استهدفت السياسيين والعسكريين ونشطاء المجتمع المدني.
كثيراً ما تربص به الموت من كل جانب إلّا أن شجاعته وإقدامه جعلت حياته أطول من حياة الإرهابيين الذين قضوا وهم يُمنّون أنفسهم الخبيثة بالقضاء على الفهد الأسمر، الذي طالما قضّ مضاجعهم، نصبوا له الفخاخ كثيرا أبرزها محاولة الاغتيال في يونيو 2016 في محيط مستشفى الـ1200، حين كان يشارك في إعداد “مراسم تشييع جثمان علي المرتجع التاورغي” ونجا منها ولم يُصب بأذى، كذلك نجا الفريق بوخمادة من محاولة اغتيال في يوليو 2019 عندما نفّذ إرهابيون تفجيراً استهدف مقبرة الهواري خلال تشييع جنازة اللواء خليفة المسماري أحد قيادات القوات الخاصة في مدينة بنغازي.
لم يكن يوماً خائفاً من الموت، بل كان واهباً حياته فداءً لتراب وطنه، كما كان يُكررها في كل خطاباته العامية البسيطة التي كان يُلقيها على أبنائه المقاتلين، ويستمع إليها كل الليبيين بحُب وفخر واعتزاز.
الفريق بوخمادة أحب ليبيا بصدق فأحبه كل الليبيين، وودّعوه بكل مرارة وحزن، إلّا أن عزاءهم يبقى دائماً في أن ذكرى الأوفياء تُخلّد على مرّ التاريخ وتُنقش في ذاكرة الزمن بحروف من ذهب.
تعليقات
إرسال تعليق