أنفقت قطر أكثر من 200 مليار دولار على تنظيم كأس العالم 2022 ولم تبخل كذلك على منتخبها ليكون جديراً بمشاركته الأولى في بطولة كأس العالم.
لكن، ماذا كانت النتيجة؟ لم تصمد قطر أكثر من مباراتين قبل أن تغادر المونديال وهي تجر أذيال الخسارة مكتفيةً بهدف واحد في المركز الأخير في المجموعة.
هي نتيجة أكثر من مخيبة لهذا المنتخب الذي كان يجب أن يظهر بصورة أفضل توازي استضافة بلاده البطولة.
نضرب مثلاً على ذلك وحتى لا نذهب بعيداً، كوريا الجنوبية التي كانت أول بلد آسيوي مع اليابان يستضيف كأس العالم عام 2002، ماذا صنعت؟ وماذا كانت النتيجة التي حصدوها؟ لقد نظموا بطولة ناجحة، وفي موازاة ذلك تفوق المنتخب الكوري على نفسه ووصل إلى المباراة نصف النهائية، بعد أن تخطى في طريقه منتخبات عريقة كالبرتغال وإيطاليا قبل الخسارة الصعبة التي تلقاها أمام منتخب ألمانيا بنتيجة 0-1 في نصف النهائي.
وما يفاجئنا أكثر في منتخب قطر، بعيداً من الإمكانيات المتوافرة، أنه يخضع لبرنامج إعدادي لكأس العالم 2022 منذ أكثر من 10 أعوام من تاريخ حصول قطر على حقوق الاستضافة.
وفعلاً، قدّمت وتسهّلت كل السبل ليرتقي "العنابي" في مستواه وليكون جاهزاً للمونديال، إذ كان لافتاً أنه في هذه الأعوام لعب منتخب قطر في بطولة "كوبا أميركا" (منتخبات أميركا الجنوبية) على الرغم من كونه من آسيا، ثم لعب في بطولة الكأس الذهبية لمنطقة الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى وبحر الكاريبي) وليس انتهاء بمشاركته في تصفيات مونديال 2022 في قارة أوروبا من دون احتساب نتائجه، حيث جاء في مجموعة البرتغال، وبالتالي فإن هذا المنتخب خاض منافسات على أعلى مستوى، وأمام منتخبات كبيرة، وكان من المفترض أن يتطور ويكتسب الخبرة والتجربة في التحديات الكبرى، غير أن هذا ما لم يحصل في المونديال الحالي.
لكن، لماذا كانت النتيجة القطرية مخيبة؟ بالتأكيد هناك السبب الفني، وهو يرتبط بالكادر التدريبي بقيادة الإسباني فيليكس سانشيز، إذ كان من الأجدى أن تعمل قطر لإعداد "جيلها المونديالي" مع مدرب أكثر كفاءة وشهرة، وهذا متاح بسهولة، غير أن القطريين منحوا هذا المدرب الثقة بعد التتويج بكأس آسيا 2019 الذي بدلاً من أن يستفيد منه منتخب قطر ليتطور، فإنه على العكس من ذلك تراجع في مستواه وخرج من نصف نهائي كأس الخليج، على الرغم من أن البطولة كانت على أرضه، ومن ثم خرج من نصف نهائي كأس العرب 2021 على أرضه أيضاً.
لكن السبب المهم هو هوية المنتخب القطري، إذ لا يمكن أن تنتظر من منتخب يضم أكثر من 7 لاعبين مجنسين أن تكون النتيجة أفضل. هؤلاء اللاعبون لن يبالوا كثيراً خسرت قطر أم ربحت، ولن يتأثروا كاللاعبين القطريين، ولن يؤدّوا في المباريات بكل ما يمتلكون من إمكانيات لإعلاء اسم بلد ليس موطنهم الأصلي، حتى قبل انطلاق المباراة منذ لحظة عزف النشيد الوطني.
ولتأكيد إخفاق منتخب قطر الكبير، يكفي القياس على نتائج منتخبات آسيوية أخرى في هذا المونديال، فمنتخب السعودية فاز على منتخب الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي، ومنتخب اليابان فاز على منتخب ألمانيا بطل العالم 4 مرات، إضافة إلى تعادل منتخب كوريا الجنوبية أمام منتخب الأوروغواي بنجومه، وتعويض منتخب إيران خسارته الأولى أمام منتخب إنكلترا بفوزه في المباراة الثانية بجدارة على منتخب ويلز بقيادة نجمه غاريث بايل، فيما كان المنتخب القطري بعيداً تماماً من كل هذه النتائج مع أن مباراتَيه أمام الإكوادور والسنغال أسهل بكثير من أن يواجه الأرجنتين أو ألمانيا، وعلى الرغم من استضافته المونديال على أرضه، واستعداده للبطولة منذ فترة الطويلة.
بالتأكيد لن يحصل منتخب قطر على مثل هذه الفرصة الذهبية مجدّداً بأن يلعب في المونديال وأن يكون المونديال في بلده. "حلم" أضاعه القطريون وذهب مع الريح.
تعليقات
إرسال تعليق